بعثت لا عترافه أنه لم يخلف فعليه البيان مع من أرسل، ولا يكاد يخفى ذلك.

وسمع ابن القاسم في طلاق السنة: من غاب عن امرأته سنين وتسلفت لنفقتها وعلمه جيرانها من حالها وأنه لا يبعث إليها بنفقة فمات في غيبته وطلبت ذلك من ماله قضى عليه الإمام باجتهاده، والحي إذا قدم أبين؛ إن أنكر حلف. يريد: ويبرأ.

ابن القاسم: ذلك رأيي وأحسن ما سمعت وبلغني عن مالك إن قدم وقد رفعت إلي السلطان وزعم أنه بعث أو خلف عندها رجعت عليه، وإن لم تكن رفعت حلف وبرئ وإن مات فلا شيء لها إلا تكون رفت إلى السلطان فيكون لها من يوم رفعت إلى أن مات.

ابن رُشْد: لا خلاف أن القول قوله مع يمينه أنه أنفق عليه إن كان حاضرا أو أنه خلف عندها نفقتها أو بعث بها إليها إن كان غائبا، ويحلف في دعواه بعث النفقة لقد بعثت بها إليها فوصلتها وقبضتها، كذا سمع أشهب في كتاب الأقضية لابن غانم، واختلف إن رفعت إلى السلطان في غيبته فقال هنا وهو المحفوظ في المذهب أن القول قولها من يوم رفعت وهي إحدى روايتي الجلاب، والأخرى أن القول قوله بكل حال، وله وجه صحيح؛ لأنها تتهم أنها إنما فعلت ذلك ليكون القول قولها.

المتيطي: عن بعض الموثقين: الرواية الأولى أظهر وأشهر وبها القضاء، وإن رفعت ذلك إلى عدول بلدها والثقات من جيرانها ففي كونه كالرفع للسلطان رواية ابن القاسم مع ابن الهندي في مقالاته، ونحوه لأبي محمد الوتد ورواية غيره مع ابن الهندي في وثائقه، وقول بعض الموثقين هو مشهور المذهب وعليه العمل.

قُلتُ: الذي استمر عليه عمل قضاة بلدنا أن الرفع إلى العدول كالرفع للسلطان، ورفع الجيران لغو، وقول ابن رُشْد يحلف في دعواه بعث النفقة لقد بعثت بها إليها خلاف نقل الصقلي: روى محمد ليس عليه أن يحلف أنه بعث بذلك إليها، إنما يحلف أنه قبضت ذلك ووصل إليها، قيل: كيف يعلم وهو غائب، قال: يكون دفعه إليها قبل خروجه أو جاء بذلك كتابها إليه أو قدم من عندها من أخبره.

ابن رُشْد: وإن مات في مغيبه فلا شيء لها إلا تكون رفعت أمرها إلى السلطان حسبما ذكره ابن القاسم عن مالك، ونقل ابن الحاجب أن القول قولها مطلقًا وقبوله ابن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015