عفيفا فلم يحد له حتى زنا فيسقط الحد عن القاذف، وقيل: هذا الكلام صحيح بشرط أن يكون الولد المنفي عن زنى قذفها به، وإن كان عن غير ذلك فلا، ولا فرق بين الأمرين.
قلت: هذا وهم؛ إذ لا خلاف في سقوط حد القاذف بمجرد زنا المقذوف، فقول ابن الحاجب: (وقيل) معطوف على المستثنى؛ أي: وقيل: إن كان المنفي عن قذفها فلا يحد باستلحاقه الولد، والقولان بناء على الخلاف في القاعدة الأصولية الفقهية، وهي أن لازم القول قول أم لا؛ لأن نفي الولد في مجرد القذف إنما هو لازم لقول القذف لا صريح قول، ومنه قولا ابن القاسم وأشهب في العتق الأول فيمن قال: إن لم يفعل فلان كذا فبعدي فلان حر، فضرب الحاكم للحالف أجلا لفعل فلان فمات الحالف في الأجل، فقال ابن القاسم: يعتق العبد، وجعل الحالف على حنث؛ لأن ضرب الأجل إنما جاء باللزوم لا بصريح قول الحالف.
وقال أشهب: لا يعتق؛ لأن الحالف مات وهو على بر، وجعل لازم القول كالقول، ومنه في المدونة غير هذا لمن تأمل.
وفي الموازية لابن القاسم: إن شهدت امرأة فعدلها زوجها، ثم قال: رأيتها تزني قبل أن تشهد؛ لأنه أكذب نفسه بتعديلها، وكذا لو عدلها بعد أن رماها، ولو قذفها أجنبي فوكلت زوجها على طلب حده، ثم قال: رأيتها تزني قبل ذلك فلا لعان له ويحد.
قلت: فيه مع قولها: (للمقذوف حد قاذفه ولو علم من نفسه أنه زنا) نظر.