قلت: خلاف الاعتماد في غير نفي الحمل إنما هو متقدم قوله يعتمد على تعيينه بالرؤية، وقيل: كالشهود، وقيل: على ظنه كالأعمى على المشهور، وهذه الأقوال الثلاثة لا يتقرر على واحد منها القسم على مجرد لزنت، والأقرب أن مراده على الخلاف المتقدم في ثبوت اللعان بقوله زنت. قال: وقولها عوضًا عن ما رآني أزني ما زنيت، أو لقد كذب أجزأها؛ لأن نفي الزنا أعم من نفي رؤيته، ونفي الأعم يستلزم نفي الأخص، وهذا أبلغ؛ لأنه يجزاء على كل قول، وهو مراده بقوله للجميع، وإنما لم يكلفها ذلك في القول الأول؛ لأنه حلف على زيادة فوق ما ادعى عليها، ولا يبعد أن يقال حلفها على الوجه الأعم لا يجزئها على ما في كتاب الشهادات من «المدونة» خلاف قول ابن عبد الملك.

قلت: قول ابن الحاجب يجزئها قولها ما زنيت هو نقل الجلاب عن المذهب.

وقوله: (أو لقد كذب للجميع) ظاهره الاقتصار على هذا اللفظ وفيه نظر على ما في الجلاب؛ لأن فيه لقد كذب علي فيما رماني به، وقول ابن الحاجب: كذب علي فقط يصدق بكذبه عليها في غير ما رماها به من الزنا، وكذلك على ما في «التلقين» أنها تشهد بنقيض ما شهد به؛ لأنه ليس نقيضه ضرورة جواز اجتماع قوله زنت وقولها كذب على الصدق، وقول ابن عبد السلام لا يبعد أن يقال حلفها على الوجه الأعم إلى آخره.

قلت: مسألة كتاب الشهادات التي أشار إليها هي قولها من اشترى منك ثوبًا ونقدك الثمن فقبضته وجحدته الاقتضاء وطلبت يمينه فأراد أن يحلف لا حق لك قبله لم يكن له ذلك ولك أن تحلفه أنه ما اشترى منك سلعة كذا؛ لأن هذا يريد أن يورك، وتخريجه عليها يرد بأن قولها ما زنيت يرفع دعواه عليها أنه رآها تزني قطعًا، وقول المشتري لا حق للبائع قبله لا يرفع دعوى البائع عليه، ولا يستلزم رفعها؛ لأن دعوى البائع إنما هي البيع لا قوله لي عندك شيء أو الثمن، ولذا إنما يكون القول قول المشتري في نفي البيع لا في دفع الثمن ولا يستلزم رفعها لعدم تنافيهما لجواز اجتماعهما على الصدق بوقوع البيع ودفع الثمن فيصدق دعوى البائع البيع، ودعوى المشتري لا حق له قبله.

ابن محرز عن أصبغ: إن جعل مكان إن كنت من الكاذبين إن كنت كذبتها أو جعلت بدل إن كان من الصادقين أنه لمن الكاذبين أجزأ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015