قلت: مقتضى نقل الباجي عن الموطأ أنها مجموع العزم على إمساكها وعلى الوطء، ومقتضى نقل ابن زرقون وابن رشد أنها إرادة الوطء، والإجماع عليه فقط، ولفظ الموطأ: سمعت أن تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ يَعُودُونَ)] المجادلة:3 [أن يتظاهر الرجل من امرأته ثم يجمع على إمساكها وإصابتها، فإن أجمع على ذلك فقد وجبت عليه الكفارة، وإن طلقها ولم يجمع بعد تظاهره منها على إمساكها وإصابتها فلا كفارة عليه.
عياض: مذهبها أنها إرادة الوطء مع الإمساك وهو ظاهر الموطأ، وذكر بعض شيوخنا أن معنى الموطأ أنها العزم على الوطء فقط، وقاله مرة في الكتاب، وعليه حملها بعضهم، ونحى إليه اللخمي، ولفظ اللخمي محتمل.
قال الباجي: ليس معنى شرط العزم على الإمساك الأبدية؛ بل لو عزم عليه سنة كان عازمًا.
وسمع ابن القاسم: من تزوج أمة فظاهر منها ثم اشتراها فأعتقها لظهاره منها، ثم تزوجها أجزأه من ظهاره منها.
ابن القاسم: معناه أنه اشتراها غير حامل وإلا كانت أم ولد، وقال مالك: لا يجزاء عتق أم الولد في ظهار.
ابن رشد: إنما يجزئه ذلك على القول أن العود العزم على الوطء، وعلى أنه إذا ابتدأ الكفارة في العصمة جاز إتمامها بعد الخروج من العصمة، ويكون معنى المسألة أنه عزم على وطئها قبل أن يشتريها فوجبت عليه الكفارة بذلك، وعلى القول أن العودة العزم على الوطء مع استدامة العصمة، وأنه لا يجوز له أن يتم الكفارة بعد سقوط العصمة وهو المشهور لم يجزئه عتقها ولا الكفارة بعتق غيرها ولا بما سواه إلا بعد أن يتزوجها ويعزم على وطئها.
قلت: في قوله: "حتى يتزوجها" نظر؛ بل مقتضى المذهب إجزاء ذلك مع العزم على وطئها واستدامة ملكها؛ لأن حلية متعة المرأة بالنكاح والملك في الظهار سواء، واستدامة الملك كاستدامة العصمة.