ابن رشد: قوله: (لا ضمان على غير العالمة) صحيح؛ إذ ليس لأحد أن يضمن أحداً ما لم يلتزم.
وفي سماعه: من بعث لامرأته بحلي ومتاع أشهد أنه عارية سراً عنها، وعن أوليائها؛ فله أخذ ذلك، ولا ضمان عليهم إن تلف، ولم يعلموا ما أشهد عليه.
ابن رشد: هذا خلاف سماع سحنون.
قلت: هو سماعه من تزوج ببلد سنتها أن يهدي الزوج لامرأته هدية تسر بها وأهلها، فأشهد سراً أن هذا الذي يرسله ليس هدية، إنما هو عارية لوقت استرجاعها، ولم يعلمهم أنه هدية، فأرسله إلى امرأته، وهي ترى وأهلها أنها هدية، ثم طلبها قبل علمنا ما قلت لم نقبلها.
قال سحنون: لا شيء عليهم فيما امتهنوه على غير علم، ويأخذ ما وجده، وما ضاع بغير بينة؛ ضمنوه، وقاله أبو زيد.
ابن رشد: قوله: ولم يعلمهم أنه هدية مشكل، كيف يصح أن يعلمهم أنه إليهم هدية، وهو لم يرد به الهدية؛ فمعناه لم يقل لهم في العلانية أنه هدية.
وقوله: (لا شيء عليهم فيما امتهنوه على غير علم)؛ يريد: امتهاناً لا تمتهن العواري مثله، وأما امتهان العواري؛ فلا شيء عليهم، ولو امتهنوه عالمين.
وقوله: (ما ضاع بغير بينة ضمنوه)؛ اعتبار لما أشهد به سراً.
وسماع أصبغ ابن القاسم: لا ضمان عليه أصح؛ إذ ليس له تضمينهم ما لم يلتزموا ضمانه، وحسبه نفع إشهاده في ارتجاع متاعه، ولو قال لهم: هو هدية؛ لم ينفعه إشهاده، وهذا على عدم القضاء بالهدية.
وسمع أصبغ ابن القاسم: إن ادعى أب بحدثان بناء ابنته البكر فيما زاد على مهرها مما جهزها به أنه عارية صدق فيه، ولو كان غير معروف له وهي تنكره؛ لأن هذا من عمل الناس معروف من شأنهم، وإن ادعاه بعد طول حوزها، فهو لها ولو عرف أصله له، ولزوج في ذلك مقال، وطول حيازتها تقطع دعوى الأب إن أنكره الزوج، وإقرارها به لغو إن رده زوجها، ولو قام بحدثان البناء فيما عرف أصله له، والباقي بعده.