به منكم، فأنا موفيكم حقوقكم إلى ما لا ترتقي إليه همة ولا تبلغه أمنية. على أنكم قد أمنتم من الخطار، وسلمتم من التغرير.

والرجل يقول لعبده: أسلفني درهما، عند الحاجة تعرض له، وهو يعلم أن عبده وماله له. وإنما هذا كلام وفعال يدل على حسن الملكة، والتفضل على العبد والأمة، وإخبار منه لعبده أنه سيعيد عليه ما كانت سخت به نفسه.

وهذا ليس بغلط في الكلام ولا بضيق فيه، ولكن المتعنت يتعلق بكل سبب، ويتشبث بكل ما وجد.

وأما إخباره عن اليهود أنها قالت: يد الله مغلولة، فلم يذهب إلى أن اليهود ترى أن ساعده مشدودة إلى عنقه بغل. وكيف يذهب إلى هذا ذاهب ويدين به دائن، لأنه لا بد أن يكون يذهب إلى أنه غل نفسه أو غله غيره. وأيهما كان، فإنه منفي عن وهم كل بالغ يحتمل التكليف، وعاقل يحتمل التثقيف. ولكن اليهود قوم جبرية، والجبرية تبخّل الله مرة، وتظلمه مرة، وإن لم تقر بلسانها، وتشهد على إقرارها، بقولهم: يد الله مغلولة، يعنون بره وإحسانه. وقولهم: مغلولة، لا يعني أن غيره حبسه ومنعه، ولكن إذا كان عندهم أنه الذي منع أياديه وحبس نعمه، فهي محبوسة بحبسه، وممنوعة بمنعه. والذي يدل على أنهم أرادوا باليدين النعمة والإفضال، دون الساعد والذراع، جواب كلامهم حين قال: {بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء} دليلا على ما قلنا، وشاهدا على ما وصفنا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015