"أنا أذهب إلى أبي وأبيكم، وإلهي وإلهكم"، وأن المسيح أمر الحواريين أن يقولوا في صلواتهم: "يا أبانا في السماء، تقدس اسمك". في أمور عجيبة، ومذاهب شنيعة، يدل على سوء عبادة اليهود، وسوء تأويل أصحاب الكتب، وجهلهم مجازات الكلام، وتصاريف اللغات، ونقل لغة إلى لغة، وما يجوز على الله، وما لا يجوز. وسبب هذا التأويل كله الغي والتقليد، واعتقاد التشبيه.
وكان يقول: إنما وضعت الأسماء على أقدار المصلحة، وعلى قدر ما يقابل من طبائع الأمم. فربما كان أصلح الأمور وأمتنها أن يتبناه الله أو يتخذه خليلا، أو يخاطبه بلا ترجمان، أو يخلقه من غير ذكر، أو يخرجه من بين عاقر وعقيم. وربما كانت المصلحة غير ذلك كله. وكما تعبدنا أن نسميه جوّادا ونهانا أن نسميه سخيا أو سريا وأمرنا أن نسميه مؤمنا ونهانا أن نسميه مسلما، وأمرنا أن نسميه رحيما ونهانا أن نسميه رفيقا. وقياس هذا كله واحد، وإنما يتسع ويسهل على قدر العادة وكثرتها. ولعل ذلك كله قد كان شائعا في دين هود وصالح وشعيب وإسماعيل، إذ كان شائعا في كلام العرب في إثبات ذلك وإنكاره.
وأما نحن -رحمك الله- فإنا لا نجيز أن يكون لله ولد، لا من جهة الولادة، ولا من جهة التبني. ونرى أن تجويز ذلك جهل عظيم، وإثم كبير؛ لأنه لو جاز أن يكون