وأحسنهم قولا، وألينهم مذهبا من زعم أنه ابن يوسف النجار. وأنه قد كان واطأ ذلك المقعد قبل إقامته بسنين، حتى إذا شهره بالقعدة، وعرف موضعه في الزمنى، مر به في جمع من الناس كأنه لا يريده، فشكا إليه الزمانة وقلة الحيلة وشدة الحاجة، فقال: ناولني يدك. فناوله يده، فاجتذبه فأقامه، فكان تجمع لطول القعود، حتى استمر بعد ذلك. وأنه لم يحي ميتا قط، وإنما كان داوى رجلا يقال له لاعازر إذ أغمي عليه يوما وليلة، وكانت أمه ضعيفة العقل قليلة المعرفة، فمر بها، فإذا هي تصرخ وتبكي، فدخل إليها ليسكتها ويعزيها، وجس عرقه فرأى فيه علامة الحياة، فداواه حتى أقامه، فكانت لقلة معرفتها لا تشك أنه قد مات، ولفرحها بحياته تثني عليه بذلك، وتتحدث به.

فكيف تستشهدون قوما هذا قولهم في صاحبكم حين قالوا: كيف يجوز أن يتكلم صبي في المهد مولودا، فيجهله الأولياء والأعداء.

ولو كانت المجوس تقر لعيسى بعلامة واحدة وبأدنى أعجوبة، لكان لكم أن تنكروا علينا بهم، وتستعينوا بإنكارهم. فأما وحال عيسى في جميع أمره عند المجوس كحال زرادشت في جميع أمره عند النصارى، فما اعتلالهم به، وتعلقهم في إنكارهم؟

وأما قولكم: وكيف لم تعرف الهند والخزر والترك ذلك؟ فمتى أقرت الهند لموسى بأعجوبة واحدة، فضلا عن عيسى؟ ومتى أقرت لنبي بآية، أو روت له سيرة، حتى تستشهدوا الهند على كلام عيسى في المهد؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015