رجل قال والله إني لأجلس فما أقوم حتى أُقام، يعني حتى يقويني الله على ذلك فيقيمني، لا يحنث وهو صادق في يمينه، لأن المذهب عند أهل السنة والجماعة أن أفعال العباد مخلوق الله تعالى، قال الله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون) فلا يقوم أحد ما لم يقمه الله تعالى، وقيل في قوله عز وجل: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله ... ) أن المراد هذا، وهو أن العبد لا يستغني في شيء من أقواله وحركاته عن الله تعالى، وهو نظير ما قال في كتاب الأيمان في الجامع الصغير إذا حلف ليأتينه غداً إلا أن لا يستطيع، وهو يعني بذلك القضاء والقدر، فإنه تعمل نيته ولا يكون حانثاً في يمينه بحال.

ولو قال لأمته أنت حرة إن ذقت طعاماً حتى أضربك فأبِقت الأمة فالحيلة أن يهبها لولده الصغير ثم يتناول الطعام فلا يحنث في يمينه، لأنه صار قابضاً لولده بنفس الهبة، فإنما يوجد الشرط وهي ليست في ملكه فلا تعتق.

قال وسئل أبو حنيفة رحمه الله عن امرأة قالت لزوجها اخلعني فقال أنت طالق ثلاثاً إن سألتيني الخلع إن لم أخلعك، فقالت المرأة جاريتي حرة إن لم أسألك ذلك قبل الليل؛ وجاءا إلى أبي حنيفة، رحمه الله، فقال أبو حنيفة، رحمه الله: سليه الخلع، فقالت لزوجها أسألك أن تخلعني، فقال أبو حنيفة، رحمه الله، لزوجها: قل قد خلعتك على ألف درهم تعطيها لي، فقال لها الزوج ذلك، فقال أبو حنيفة لها قولي: لا أقبله فقالت لا أقبله، فقال أبو حنيفة، رحمه الله: قوماً فقد بر كل واحد منكما في يمينه، لأن شرط برها في اليمين أن تسأله الخلع وقد سألته، وشرط بر الزوج أن يخلعها بعد سؤالها، وقد فعل، فإنما عقد يمينه على فعل نفسه خاصة وقد وُجد ذلك منه فلم يقع عليها شيء حين ردت الخلع.

وهذه المسألة تصير رواية فيما إذا قالت المرأة لزوجها اخلعني فقال الزوج خلعتك على كذا أنه لا يقع الفرقة ما لم تقل المرأة قبلت، بخلاف ما إذا قالت اخلعني على كذا فقال قد فعلت، فإنه لا يقع الفرقة لأنها إذا لم تذكر البدل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015