ذلك، فإذا سموا ما وصل إليهم كان لهم أن يخاصموا فيما يظهر في يده من التركة بعد ذلك.
وذكر عن سالم بن عبد الله أنه سئل عن رجل طلق امرأته ثلاثاً فانقضت عدتها فتزوجها رجل ليحللها لزوجها الأول، لم يأمره الزوج بذلك ولا المرأة، قال هذا مأجور، وهو قول أبي حنيفة، رحمه الله، وبه نأخذ لأنه تزوجها نكاحاً مطلقاً، والنكاح سنة مرغوب فيها، وإنما قصد بذلك ارتفاع الحرمة بينهما ليمنعهما بذلك من ارتكاب المحرم ويوصلهما إلى مرادهما بطريق حلال فتكون إعانة على البر والتقوى، وذلك مندوب إليه، فالظاهر أن كل واحد منهما نادم على ما كان منه من سوء الخلق خصوصاً إذا كان بينهما ولد، فلو امتنع الثاني من أن يتزوجها ليحللها للأول ربما يحملها الندم أو فرط ميل كل واحد منهما إلى صاحبه على أن يتزوجها من غير محلل، فهو يسعى إلى إتمام مرادهما على وجه يندبان إليه في الشرع فيكون مأجوراً فيه وفي نظيره، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أقال نادماً أقاله الله عثراته يوم القيامة" وإذا تقرر هذا تبين أن الحِل يحصل بدخول الزوج الثاني بها، وإن كان مراده أن يحللها للأول.
فإذا تزوجها بهذا الشرط بأن قالت المرأة له تزوجني فحللني، أو قال الزوج الأول له تزوج هذه المرأة فحللها لي، أو قال الثاني للمرأة أتزوجك فأحللك للأول فهذا مكروه، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المحلل والمحلل له" وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى، قال هو الرجل يتزوج المرأة ليحللها لزوج كان لها قبله".
ولكن مع هذا يجوز النكاح ويثبت الحِل للأول بدخول الثاني بها عند أبي حنيفة، رحمه الله، لأن هذا النهي لمعنى في غير النكاح فلا يمنع صحة النكاح والدخول بالنكاح الصحيح يحللها للزوج الأول، ثبت ذلك بالسنة، وعلى قول أبي يوسف، رحمه الله، هذا النكاح فاسد، لأنه في معنى التوقيت للنكاح،