كان جائزاً، كما لو أوصى أن يعطى ثلث ماله من شاء الوصي. وإن عين رجلاً ليحج عنه كانت الوصية بالباقي جائزة؛ لأن الموصى له معلوم.
في «المنتقى» : إذا أوصى أن يحج عنه، فأحج الوصي رجلاً، فأحرم الرجل بالحج عن الميت، ثم قدم وقد فاته الحج، قال محمد: يحج عن الميت من بلده إن بلغت النفقة، وإلا فمن حيث تبلغ، وعلى المحرم قضاء الحجة التي فاتت عن نفسه ولا ضمان عليه فيما أنفق، ولا نفقة له بعد الفوت. وفيه أيضاً إبراهيم عن محمد رحمه الله: دفع دراهم إلى رجل ليحج عن الميت مرض في الطريق، قال: ليس له أن يدفعها إلى غيره إلا يكون قال وقت الدفع: إصنع ما شئت، فحينئذٍ له أن يدفع إلى غيره ليحج عن الميت مرض أو لم يمرض، وفيه دفع إلى رجل دراهم، وأمره أن يحج عنه، فلما أحرم المأمور بدا للآمر أن يأخذ منه المال، وطلب منه المأمور نفقة الرجوع إلى أهله فله ذلك (184أ1) استحساناً.
وفي «فتاوى أبي الليث» : الوصي إذا دفع الدراهم إلى رجل ليحج بها عن الميت، ثم أراد أن يسترد المال منه كان له ذلك ما لم يحرم؛ لأن المال أمانة في يده، فإذا استرد وطلب المأمور نفقة الرجوع إلى بلده، قال: ينظر إن استرد المال منه بجناية ظهرت منه، فالنفقة في ماله خاصة. وإن استرد لضعف رأيه أو لجهله بأمور المناسك، فالنفقة في مال الميت؛ لأن منفعة الاسترداد راجعة إلى الميت، فتكون نفقة الرجوع في ماله، وإن استرد لا لجناية ولا لتهمة، فالنفقة في مال الوصي.
رجل دفع إليه في مدينة السلام مال ليحج عن الميت، فأخذه في طريق البصرة، وسلك طريق الكوفة: قال محمد رحمه الله: لا بأس بذلك؛ لأن الحاجَّ يسلكه من غير عذر، وكذلك إن دفع إليه في مصر له طريقان إلى مكة أحدهما أشد وأبعد فأخذ فيه، قال: إن كان الحاج يسلكه، فله ذلك.
دفع إلى رجل خمسمائة ليحج بها عن الميت، فأنفق منها مائة في أهله وحج بأربعمائة منها، جاز الحج عن الميت، ويضمن المائة التي أنفقها في أهله.
الحاج عن الميت إذا مرض، وأنفق المال كله، فليس على الوصي أن يبعث بالنفقة إليه ليرجعه.
إذا قال الوصي للحاج: إن فني المال، فاستقرض وعلي قضاء الدين، فهو جائز.
إذا استأجر المأمور بالحج خادماً ليخدمه، ينظر إن كان مثله لا يخدم نفسه، فهو في مال الميت؛ لأنه يكون مأذوناً فيه، وللمأمور بالحج أن يدخل الحمام، ويعطي أجر الحارس وغير ذلك ما يفعله الحاج؛ لأن ذلك معروف، وقدر المعروف كالمنصوص.
الحاج عن الميت إذا اشترى ببعض المال المدفوع إليه حماراً ركبه أجزأه، ولو اشترى بالدراهم المدفوع إليه متاعاً للتجارة، وحج بمثلها عن الميت، فإنه يرد المال، والحجة عن نفسه، قال هشام: سمعت أبا يوسف يقول في هذا الفصل: يتصدق بالفضل يعني بالربح، وأجزت الحجة عن الميت في قول أبي حنيفة، وفي قولهما إليه: يحج.