الدليل، وإنما هو لعدم الرفع، والرافع بعذر الجمع أداء، وذلك لا يكون قبل الأداء ما لم يأخذ في الأداء للرفض أحدهما، ولهذا قال أبو حنيفة رحمه الله في رواية: لا يصير رافضاً حتى يبتدىء الطواف؛ لأن الأداء عنده يتحقق، إلا أن في ظاهر الرواية جعل السير إلى أحدهما قائماً مقام الأداء، كما في مصلي الظهر إذا توجه إلى الجمعة، وكما أن الجمع بين إحرامي الحج، أو بين إحرامي العمرة بدعة، فكذلك بناء أعمال العمرة على أعمال الحج على إحرام العمرة، فليس ببدعة حتى إن من أحرم بحجة، وطاف لها شوطاً، ثم أهل بعمرة رفض العمرة؛ لأنه إذا طاف للحجة، فقد أتى بفعل من أفعال الحج، فلو مضى في العمرة يصير بانياً العمرة على الحج وإنه غير مشروع.
ولو أحرم بحجة، ثم أحرم بعمرة قبل أن يطوف لحجته شوطاً، فإنه لا يرفض العمرة؛ لأنه لم يأت بفعل من أفعال الحج؛ لأن الإحرم ليس من أفعال الحج، ولا يصير بانياً العمرة على الحج بل بنى إحرام العمرة على إحرام الحج، وإنه غير منهي عنه.
في «المنتقى» عن محمد: أحرم بشيء لا ينوي به حجاً ولا عمرة، أحرم بحجة، فالأول عمرة إن شاء وإن أبى، وإن أحرم بعمرة، فالأول حجة إن شاء وإن أبى، وإن كان الإحرام الثاني لا يريد به شيئاً أيضاً، فهو قارن، وإن كان الذي أحرم بها أولاً عمرة، فهذا حج.
ولو أحرم بشيئين، وأراد أن يكون مخيراً فيها إن شاء حجتين، وإن شاء عمرة وحجة قال: هذا عمرة وحجة إن شاء وإن أبى، وهذا على الصحة لا يكون على غير ذلك، وإن أحرم لا ينوي حجاً ولا عمرة، ثم أحرم بعد ذلك بإحرام آخر لا ينوي حجة لا عمرة، فهذا كلّه حجة وعمرة. ولو أحرم بإحرامين لا نية له فيهما، ثم أحرم بإحرامين لا نية له فيهما، قال محمد رحمه الله: الأوّلان حجة وعمرة والآخران باطل، والله أعلم.
الحلق والتقصير مشروعان في حق الرجل للتحلل عن الإحرام، والحلق أفضل من التقصير.
وأما المرأة فلا حلق عليها؛ لأن الحلق في حقها نوع مثلة، ولكنها تقصر، تأخذ شيئاً من أطراف الشعر مقدار أنملة هكذا قال ابن عمر، والأفضل أن تقصر من كل شعر مقدار أنملة؛ لأن التقصير في حقها قائم مقام الحلق في حق الرجل، والأفضل في حق الرجل حلق جميع الرأس، وكذا الأفضل في حقها الأخذ من كل شعر. وإن قصرت بعض رأسها وتركت البعض أجزأها إذا كان ما قصرت مقدار ربع الرأس فصاعداً، وإن كان أقل من ذلك لا يجزأها اعتباراً للتقصير في حقها بالحلق في حق الرجل.
وإذا جاء وقت الحلق، ولم يكن على رأسه شعر بأن كان حلق قبل ذلك، أو بسبب