الصغير» ذكر لفظة الحلق، وإنها لا تتناول التقصير، وذكر حكم ما دون الثلث، وهو الربع، وإنما أوجب الدم بحلق الربع؛ لأنه يعمل عمل حلق الكل في المعنى الموجب للدم، وهو الارتفاق الكامل و (هو) المقصود.

أما في الرأس؛ فلأن عامة العرب يحلقون النواصي ويتركون الباقي، والأتراك يحلقون وسط الرأس قدر الربع، وبه يقع رفقهم عادة.

وأما في اللحية؛ فلأن اللحية إذا طالت قد يؤخذ منها الربع والثلث حتى لا يبقى إلا قدر قبضة، وإنه مطلوب للزينة، وهو عادة أهل العراق فيكون رفقاً كاملاً.

وإن أخذ من شاربه، فعليه حكومة عدل هكذا ذكر في «الجامع الصغير» ، ومعناه أنه ينظر أن هذا المأخوذ كم يكون من ربع اللحية؟ فيجب عليه الصدقة بقدر ذلك، حتى إنه إذا كان قدر ربع اللحية يلزمه ربع قيمة الشاة يتصدق به، هكذا ذكر في «الجامع الصغير» ، وذكر في «الأصل» عن هذه المسألة، وقال: عليه الصدقة يحتمل أن يكون المراد الصدقة على التفسير الذي قلنا، ولو حلق الشارب كله يلزمه الدم، كذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله، وبه أخذ بعض أصحابنا.

قال الشيخ الإمام الأجل شمس الأئمة السرخسي رحمه الله: والأصح عندي أنه لا يلزم الدم؛ لأنه طرف من أطراف اللحية، وهو تبع اللحية فالعضو واحد، وإنه دون ربع الكل، وما دون الربع ليس له حكم الكل، فلا يجب به الدم بل يكفيه الصدقة.

قال في «الجامع الصغير» عقيب هذه المسائل: وإذا حلق عضواً كاملاً فعليه الدم، وإن حلق بعضه فعليه الصدقة، وأراد به الفخذ والساق والإبط دون الرأس واللحية، وقد ذكرنا أن بحلق ربع الرأس واللحية يجب الدم، وهذا لأن الربع في الساق والفخذ والإبط لا يعمل عمل الكل في العادة؛ إذ العادة في هذه الأعضاء ليس هو الاقتصار على الربع، ولا كذلك الرأس واللحية على ما بينا.

وفي «المنتقى» : إذا نتف المحرم من إبطيه وهو كثير الشعر قدر ثلث أو ربع فعليه دم، وإن كان إبطه قليل الشعر، فنتف الأكثر فيه فعليه دم، فإن نتف الأقل منه أطعم كذلك نصف صاع. وفي كل موضع قلنا بوجوب الصدقة لا ينقص عن طعام مسكين واحد نصف صاع من حنطة، وقد مر هذا.

ولو حلق رأس حلال أو من شارب حلال شيئاً أطعم ما شاء عندنا خلافاً للشافعي رحمه الله، وعلى هذا الخلاف إذا حلق رأس محرم، أو أخذ من شارب محرم يجب على المحلوق رأسه إذا كان محرماً الجزاء بالإجماع؛ لأن ما هو المقصود من الحلق، وهو الراحة قد حصل له. وإذا ألبس المحرم محرماً أو حلالاً مخيطاً أو طيبه بطيب، فلا شيء عليه بالإجماع، وكذلك إذا قتل قملة على غيره لا يلزمه شيء.

في «الأصل» : حلق المحرم رأسه بغير عذر أراق دماً، فإن لم يجد صام ثلاثة أيام، وإن فعل ذلك بعذر يخير بين الكفارات الثلاث على ما مر.

في «المنتقى» هشام عن محمد: إذا سقط من شعر رأس المحرم أو لحيته عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015