ولا تجب هذه الصدقة إلا على حر مسلم غني، والغني أن يملك نصاباً أو ما قيمته نصاب فاضلاً عن مسكنه وأثاثه وثيابه على نحو ما يعتبر في حرمة الصدقة، وما تأدى به هذه الصدقة في المشهور من الأخبار ثلاثة أشياء الحنطة والشعير والتمر، ومقدارها من الحنطة نصف صاع، ومن الشعير والتمر صاع، وأما الزبيب فهو مروي في بعض الأخبار، ومقداره نصف صاع عند أبي حنيفة على رواية «الجامع الصغير» ، وروى الحسن عنه أنه صاع والزبيب جوازه باعتبار..... العين عند بعض المشايخ، وعند العامة باعتبار القيمة، ودقيق الحنطة وسويقها كالحنطة ودقيق الشعير وسويقة كالشعير عندنا، والجواز باعتبار العين؛ لأن الدقيق منصوص عليه في بعض الروايات، والخبر يجوز باعتبار العين عند بعض المشايخ، وعند العامة باعتبار القيمة، وهو أصح، وفي سائر الحبوب الجواز باعتبار القيمة، وإذا أراد أن يعطي قيمة الحنطة أو الشعير أو التمر يؤدي قيمة (166ب1) أي ثلث شاء عند أبي حنيفة، وأبي يوسف، وقال محمد: يؤدي قيمة الحنطة.
ذكره الصدر الشهيد في شرح الصوم، وكان الفقيه أبو بكر الأعمش يقول: أداء الحنطة أفضل، وكان الفقيه أبو جعفر يقول: أداء القيمة في ديارنا أفضل، وعن أبي يوسف في غير رواية «الأصول» أنه قال: الدقيق أحب إليّ من الحنطة، والدراهم أحب إليّ من الدقيق،
ويؤدي نصف صاع تمر، أو شعير، ومد حنطة لا يجوز، وجوزه في الكفارة، ولو أدى نصف صاع تمر تساوي نصف صاع حنطة لا يجوز؛ لأن كل واحد منهما منصوص عليه، والمقصود من الكل واحد، ولو أدى الحنطة رديئة جاز، وإن كان عفناً، أو به عيب أدى لنقصان، وقد اعتبر الحسن في رواية قيمة الوسط في الجواز، وأما إذا كان قيمته دون قيمة الوسط لا يجوز.
فقد ذكر في كتاب الزكاة لو أخرج قيمة نصف صاع حنطة لم يجز إلا إن أخرج قدر نصف صاع وسط، فإن كان ما أخرج لا يساوي نصف الصاع حنطة وسط، ولكن يساوي قيمة صاع من شعير وسط، أو صاع تمر وسط، ففي هذه الصورة نوع اضطراب ذكر في بعض نسخ الحسن أنه يجوز، وذكر في بعض نسخه أنه لا يجوز، قال البلخي في «كتابه» في حياته: والصحيح عندي جوازه.
وفي «المنتقى» : إذا أعطى قيمة نصف صاع رديئة لم يجزه، وعليه أن يعطي قيمة نصف صاع حنطة وسط، وإن أعطى قيمة صاع دقيق أو سويق جيد، وذلك لا يساوي نصف صاع حنطة وسط لا يجزئه، وكان عليه تمام قيمة نصف صاع حنطة وسط، والصاع الذي تقدر الحنطة بنصفه والشعير والتمر بكله، قال الطحاوي: ثمانية أرطال مما يستوي كيله ووزنه قبل معناه إن سوى بالعديس والماش، وإن أعطى بالوزن سويق من الحنطة عند أبي حنيفة وأبي يوسف يجوز، وقال محمد: لا يجوز إلا كيلاً.