رجل صوم يوم الخميس ويوم الجمعة، فوقع الشك في ذلك اليوم أن الأفضل أن يصومه تطوعاً، وإن لم يوافق ما كان يصومه قبل ذلك، فالأفضل أن يتلوم، فلا يأكل ولا ينوي الصوم ما لم يقرب انتصاف النهار، فإن قرب انتصاف النهار، ولم يتبين الحال اختلف المشايخ فيه، بعضهم قالوا: الأفضل أن يصوم، وبعضهم قالوا: الأفضل أن يفطر، وعامة المشايخ على أنه ينبغي للقاضي والمفتي أن يصوم تطوعاً، ويفتي بذلك في حق خاصته، ويفتي للعامة بالفطر.
وفيه حكاية أبي يوسف، وإنها معروفة حكي عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله أن نصير بن يحيى كان يختار الصوم يوم الشك، ومحمد بن سلمة كان يختار الفطر، فدخل أبو نصر بن سلام على نصير بن يحيى فقال له نصير: لما اختار صاحبك الفطر يوم الشك، والصوم أحوط قال أبو نصر: الفطر أحوط؛ لأنهم أجمعوا على أن من أفطر لا إثم عليه واختلفوا في الصوم قال بعضهم: يكره ويأثم، وقال بعضهم: لا يكره، فدل أن الفطر أحوط، والله أعلم.
إذا جامع امرأته في نهار رمضان، ثم حاضت امرأته، ومرضت في ذلك اليوم لا كفارة عليها عندنا.
وكذلك إذا مرض الرجل سقط عنه الكفارة، وكذلك إذا أكلت أو شربت، ثم حاضت أو مرضت في ذلك اليوم لا كفارة عليها، وإذا جامع أو أكل أو شرب، ثم سافر في ذلك اليوم لا تسقط عنه الكفارة، وإن سوفر به مكرهاً بأن ركب على الدابة، وخرج إلى السفر مكرهاً روى الحسن عن أبي حنيفة أنه لا كفارة عليه، وعندهما تجب الكفارة حجتهما أن العذر جاء لا من جهة من له الحق، فصار بمنزلة ما لو سافر بنفسه وأكره على السفر، فخرج بنفسه.
وجه قول أبي حنيفة إن العذر جاء لا من جهة المفطر، فصار كالحيض والمرض إذا حسبت المرأة أن هذا اليوم يوم حيضها، فأفطرت فيه، ثم لم تحض، أو كان لها (163أ1) نوبة حمى، ففطرت فلم تصم في ذلك اليوم أجمعوا أن في فصل الحمى تجب الكفارة، وفي فصل الحيض اختلاف المشايخ، والصحيح أنه تجب.
في «فتاوى القاضي» : إذا أكل بعد الفجر، أو قبل غروب الشمس، وهو لا يعلم، ثم أكل بعد ذلك متعمداً، فعليه القضاء دون الكفارة، أصبح في رمضان لا ينوي الصوم فأكل أو شرب، فلا كفارة عليه، قال أبو يوسف رحمه الله: إن أكل بعده، فلا كفارة عليه، وإن نوى الصوم قبل الزوال، ثم أفطر في باقي اليوم، فعليه الكفارة عند أبي يوسف ومحمد؛ لأن هذا إفطار في صوم جائز، وعند أبي حنيفة لا كفارة عليه؛ لأن ظاهر قوله