في «واقعاته» : أن صوم يوم النيروز جائز من غير كراهة، هو المختار، فإن كان يصوم قبله تطوعاً، فالأفضل أن يصوم، فإن كان لا يصوم قبله تطوعاً، فالأفضل أن لا يصوم؛ لأنه يشبه تعظيم هذا اليوم وإنه حرام.6
وعن أبي يوسف رحمه الله، أنهم كانوا يستحبون صيام أيام البيض، وصوم يوم الاثنين والخميس، وبعضهم كره توقيت الصوم، ومن صام يوماً فأفطر يوماً، فحسن، وقيل: ذلك صوم داود صلوات الله عليه ومن صام شعبان، ووصل بصوم رمضان، وكانوا يستحسنون أن يصوموا قبل عاشوراء وبعده خلاف أهل الكتاب، وعن أبي يوسف أنه قال بعض الفقهاء: من صام الدهر وأفطر أيام خمسة، فهذا ما صام الدهر، قال: وليس هذا عندي، كما قال، والله أعلم هذا قد صام الدهر، ودخل في النهي.
ومما يتصل بهذه المسألة صوم يوم الشك، والكلام فيه من وجهين: من حيث الكراهة والإباحة، ومن حيث الأفضلية. أما الكلام في الكراهة والإباحة فنقول: إما أن ينوي الصوم وبت النية، أو ردد النية، فإن بت النية فهو على وجوه:
أحدها: أن ينوي صوم رمضان، فهو مكروه، وقال عليه السلام: «من صام يوم الشك فقد عصى الله ورسوله» وقال عليه السلام: «لا تتقدموا الصيام شهر رمضان عن جماعة الناس بيوم وبيومين إلا أن يوافق يوم الشك صوم يوم أحدكم» .
وتأويله: إذا كان من عادته أن يصوم كل خميس، أو في كل جمعة، فوافق يوم الشك، فلا بأس أن يصوم فيه أورده، وإن حاك في صدره أنه من رمضان كره، وأثم وأما إذا لم يحك في صدره ذلك فلا بأس به.
الثاني: أن يصوم بنية التطوع من غير أن يقع في قلبه أنه من رمضان، فلا بأس بذلك عند أبي حنيفة رحمه الله، وعند أبي يوسف ومحمد يكره هكذا ذكر في بعض المواضع، وذكر في بعض المواضع أن فيه اختلاف المتأخرين من المشايخ، قال بعضهم: يكره وأكثر المشايخ على أنه لا يكره سواء كان يصوم قبل هذا اليوم (162ب1) أو كان لا يصوم، وهو مروي عن أصحابنا رحمهم الله، ثم إذا نوى صوم رمضان فإن ظهر أن هذا اليوم من رمضان جاز صومه عن رمضان، وإن ظهر أنه من شعبان كان صومه تطوعاً، وإن كان نوى صوم التطوع، فإن ظهر أن هذا اليوم من رمضان جاز صومه عن رمضان؛ لأنه صام بنية التطوع، وإن ظهر أن هذا اليوم من شعبان كان صومه تطوعاً.
الثالث: إذا نوى واجب آخر يكره، ولكنه في الكراهية دون الأول، وهو ما إذا نوى