الأرض، وبين الموجود في الدار، والفرق: أن سائر أجزء الأرض غير سالمة لصاحب الأرض خالياً عن حق الله تعالى، فإنه يجب فيه عشر، أو خراج، فكذا هذا الجزء، وسائر أجزاء الدار سلم لصاحبها خالية عن حق الله، فكذا هذا الجزء.
وأما قوله: بأن هذا مال معلوم، قلنا: نعم، ولكنه مودع في الأرض، وقد أخذ الخمس من ظاهر الأرض، فجاز أن لا يؤخذ فيما هو مودع فيها.
وأما الكلام في الكنز، فلا يخلو من وجهين الأول: أن يجده في دار الإسلام، وإنه على وجوه:
أحدها: أن يجده في أرض غير مملوكة بحق المغارة والجبال وما أشبهها، فإن كان فيه علامات الإسلام كالمصحف والدراهم المكتوبة فيها الشهادة، وما أشبه ذلك، فهو بمنزلة اللقطة يعرفها حولاً، وإن كان فيه علامات الشرك نحو الصنم والصليب (156أ1) وما أشبهها، ففيه الخمس، وأربعة الأخماس للواجد، وهذا لأنه إذا كان فيه علامات الإسلام، فالظاهر أنه من وضع المسلمين، ومال المسلم لا يصير غنيمة، والمالك ليس بمعلوم، فيكون له حكم اللقطة.
وإذا كان فيه علامات الشرك، فالظاهر أنه من وضع مشركين، وقع في أيدينا بإيجاف الخيل والركاب، فيكون غنيمة، فيجب فيه الخمس، وإن لم يكن فيه علامات تدل على شيء، فهو لقطة في زماننا؛ لأن العهد قد تقادم، فالظاهر أنه لم يبق شيء مما دفنه أهل الحرب، ويستوي أن يكون الواجد صغيراً أو كبيراً، أو عبداً مسلماً، أو ذمياً؛ لأن استحقاق هذا المال بمنزلة استحقاق الغنيمة، ولجميع من سميت حق في الغنيمة، فيكون لهم حق في استحقاق هذا المال، إلا إن ترجح للعبد والذمي والصبي في القتال، ولا يبلغ نصيبهم السهم تحرز عن المساواة بين التبع والمتبوع عند المزاحمة، وهنا لا تزاحم للواجد في الاستحقاق حتى يصير التفاضل، فلهذا كان الواجد حربياً مستأمناً لا يعطى له شيء؛ لأنه لا حظ لأهل الحرب من غنيمة المسلمين إلا أن يكون الحربي عمل بإذن الإمام وشرطه وتعاطيه، فعليه أن يفي بشرطه؛ لأن الوفاء بالشرط واجب قال عليه السلام «المسلمون عند شروطهم» .
وإن وجده في دار مملوكة له، وفيه علامات الشرك، أو لم يكن فيه، الخمس وأربعة أخماسه للمختط له عند أبي حنيفة، ومحمد، وهو الذي اختطه الإمام حين فتح أهل الإسلام تلك البلدة إن كان فيئاً، ولا شيء للواجد، وقال أبو يوسف: هو للواجد؛ لأن هذا مال مباح سبقت إليه يده الحقيقية، فيكون أحق به كما لو وجده في المغارة.
بيانه: إن هذا المال كان مباحاً، والمباح يملك بإثبات اليد، ويد المختط له، تثبت على هذا المال حكماً لا حقيقة، ويد الواجد تثبت عليها حقيقة، فاعتبار الحكم إن كان