قائماً بعينه، وإن كان قد دفعه، فلا شيء عليه يريد به: إذا كان صرفه إلى المقاتلة، فلا شيء عليه، فقد راعى شرطاً، وهو كون المدفوع قائماً بعينه؛ لأن الخراج في حق المصروف إليه في معنى الصلة، والصلات إذا أمضيت لا يتبعها تبعة.
وإن وجوب الخراج عند أبي حنيفة رحمه الله أول السنة لكن بشرط بقاء الأرض النامية في يديه سنة، إما حقيقة، أو اعتباراً السلطان إذا جعل خراج الأرض لصاحب الأرض، وترك عليه يجوز عند أبي يوسف، وقال: أبو يوسف.... أن السلطان لو قبض الخراج من ضاحية الأرض، ثم رأى الصرف إليه أولى كان له ذلك ولا فائدة في أخذ ثم دفع، وقال محمد رحمه الله؛ لا يجوز، رواه ابن سماعة عنه، ويتبقى لمن عليه أن يؤدي ما عليه من الخراج، وإن جعل العشر لصاحب الأرض لا يجوز بالإجماع، محمد سوى بينهما من حيث أن الحق فيهما للعامة، فلا يجوز تخصيص البعض به.
وفي «نوادر هشام» : إذا جعل السلطان خراج الأرض لصاحب الأرض يجوز من غير ذكر خلاف، وعن أبي يوسف: السلطان إذا ترك الخراج لمن يعلم أنه ليس بمحل لصرف الخراج إليه ينبغي أن يجهز غادياً ويتصدق به على المساكين، وهذا لأن مصرف الخراج المقاتلة، وإن فضل، فالمصرف المساكين المتروك له قادر على الصرف إلى المقاتلة، وإلى المساكين فله ذلك.
وعنه أيضاً: والي الزكاة إذا ترك لرجل خراجه، فليجهز غازياً، أو يتصدق به على المساكين، وإلا لم يسعه، وأراد بوالي الزكاة العاشر ومن بمعناه، إذا فوض إليه أخذ الأخرجة، ولم يكن والياً مطلقاً عام الولاية، فترك الخراج منه لا يصح؛ لأن المفوض إليه مجرد الأخذ.
قال في كتاب «العشر والخراج» : إذا كان للرجل أرض خراج لا يسعه يأكل منها حتى يؤدي خراجها، قال بعض مشايخنا: هذا (152ب1) إذا كان الخراج خراج مقاسمة؛ لأنه بمعنى العشر بعض الخارج، فيصير أكله من غلة مشتركة، أما إذا كان الخراج خراج وظيفة، فهو يجب في الذمة لا تعلق له بالمحل، فكان الخارج حق صاحب الأرض على الخلوص، فيجعل له التناول، وبعضهم قالوا: وإن كان الخراج خراج وظيفة، فالجواب يكون كذلك أيضاً؛ لأن الخارج محبوس بالخراج، فإن للسلطان أن يحبس الغلة إلى أن يستوفي الخراج، فهو بمنزلة المبيع إذا كان محبوساً بالثمن، ولا يحل للمشتري تناول المبيع قبل أداء الثمن، كذا هذا.