عن الزراعة، وصنع الإمام بالأرض ما ذكرنا، ثم عادت قدرته، وإمكانه من العمل والزراعة يستردها الإمام ممن هي في يده، ويردها على صاحبها، إلا في البيع خاصة؛ لأن بالبيع قد زالت عن ملك صاحبها.

رجل له أرض خراج باعها من غيره فهذه المسألة على وجهين:

الأول: (151أ1) أن تكون الأرض فارغة، والجواب في هذا الوجه أنه، إن بقي من السنة مقدار ما يقدر المشتري على زراعتها قبل دخول السنة، فالخراج على البائع، وإلى هذا أشار محمد رحمه الله في «النوادر» ، فإنه ذكر في «النوادر» : إذا غرق أرض الخراج، ثم نضب الماء عنها، إن نضب الماء عنها في وقت يقدر على زراعتها ثانياً قبل دخول السنة الثانية، فلم يزرعها، فعليه الخراج، وإن نضب الماء عنها في وقت لا يقدر على زراعتها ثانياً قبل دخول السنة الثانية لا يجب الخراج، ثم اختلف المشايخ فيما بينهم أن المعتبر زرع الحنطة، والشعير، أو أي زرع كان؟ فالفقيه أبو نصر رحمه الله يعتبر أي زرع كان، والفقيه أبو القاسم يعتبر زرع الحنطة أو الشعير، وكذلك اختلفوا أنه هل يشترط إدراك الريع بكماله؟

بعضهم شرطوا، فقالوا: إذا بقي من السنة مقدار ما يتمكن المشتري من أن يزرع الأرض، ويدرك ريعها قبل دخول السنة الثانية، فلم يزرعها، فالخراج على المشتري، وإن كان بخلافه فلا خراج عليه، وإلى هذا القول مال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله.

وبعضهم لم يشترطوا إدرك الريع بكماله، وقالوا: إذا بقي من السنة مقدار ما يمكنه أن يزرع الأرض أي زرع، فتصير قصيلاً، فتبلغ قيمته قدر الخراج، ومثله يجب الخراج على المشتري، وإن كان بخلافه، فالخراج على البائع.

وكان الصدر الشهيد حسام الدين رحمه الله يختار إن بقي من السنة تسعون يوماً، فالخراج على المشتري، وإن كان أقل من ذلك، فالخراج على البائع، وهذا منه اعتبار زرع الدخن، وإدراك الريع بكماله، فإن ريع الدخن يدرك في مثل هذه المدة.

الوجه الثاني: إذا كانت الأرض مزروعة، فإن كان الزرع لم يبلغ بعد، فالخراج على المشتري على كل حال. وذكر في «نوادر مختصر عصام» وإن كان الزرع قد بلغ، وانعقد الحب كان هذا، وما لو باع أرضاً فارغة في حق هذا الحكم سواء، ويعتبر في ذلك المدة، ويكون هذا بمنزلة ما لو باع حنطة من تبنه مع الأرض.

في آخر زكاة «فتاوى أبي الليث» ، وفي «نوادر ابن سماعة» عن محمد: رجل له أرض خراج باعها من رجل، ومكث عند المشتري شهراً، ثم باعها المشتري من رجل آخر، ومكث عنده شهر أيضاً، ثم وتم يبيع كل مشتري بعد شهر له حتى مضت السنة، فليس على واحد منهم خراج وإنه ظاهر؛ لأنه لم يكن في يد كل منهم مقدار ما يتمكن من الزراعة، حتى لو كان في المشتري الآخر مقدار ما يتمكن من الزراعة على حسب ما اختلفوا، يجب الخراج عليه.

وإذا كان للأرض ريعان خريفي، وربيعي، وسلم الواحد منهما للبائع، والآخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015