المال تمليك المال والفقير، فإذا قضى بأمر المديون، أو كان المديون فقيراً يجوز، فقد وجد التمليك منه؛ لأن تقدير الأمر بقضاء الدين، ولا يتصور قضاء الدين عنه إلا بعد تمليك قدر الزكاة عنه ملكني قدر الزكاة، ثم كن وكيلي بقضاء ديني من ذلك، ولو قال: هكذا يجوز، وينوب قبض صاحب الدين عن قبض المديون، فإذا قضى بغير أمر المديون لم يوجد التمليك منه؛ لأنه لم يرض بوقوع الملك له، فلا يمكن أن يجعل هذا تمليكاً منه، فلهذا لا يخرج عن العهدة.

وفي «الأصل» أيضاً: إذا كان للرجل سائمة للتجارة حال عليها الحول، وهي كذلك سائمة أجمعوا على أنه لا يجمع بين زكاة السائمة وبين زكاة التجارة؛ لأن المال واحد، والجمع بينهما يؤدي إلى العناء.

بعد هذا قال أصحابنا رحمهم الله: زكاة التجارة أولى من زكاة السائمة؛ لأن نية التجارة قد صحت فيها؛ لأنها لو لم يصح إنما لا يصح لمكان السوم، إلا أن السوم لا ينافي صحة نية التجارة، ألا ترى أن السائمة إذا كانت أقل من النصاب اشتراها بنية التجارة وتركها سائمة كما كانت للتجارة، تصح نية التجارة فيها، وتجب زكاة التجارة؟ كذا ههنا، وكل مال صحت نية التجارة فيه تجب فيها زكاة التجارة.

الحربي إذا أسلم في دار الحرب وله سوائم، وقد علم بوجوب الزكاة عليه بسبب السوائم، ولم يؤدها سنتين حتى خرج إلى دار الإسلام بسوائمه، فإنه لا ينبغي للإمام أن يأخذ منه زكاة ما مضى؛ لأنه لم يكن في حماية الإمام حال وجوب الزكاة، ويجب عليه الأداء فيما بينه وبين الله تعالى، وإن لم يعلم بوجوب الزكاة لا يجب عليه الأداء فيما بينه وبين الله تعالى، وعلى هذا الصوم والصلاة.

قال في «المنتقى» : والعلم الذي به عليه الصلاة، والصوم أن يخبره بذلك رجلان عدلان، أو رجل وامرأتان في دار الحرب، أو في دار الإسلام.

وفي «المنتقى» : حربي أسلم في دار الحرب، ومكث سنين لا يعلم أن عليه صلاة، أو زكاة أو صياماً، وهو في دار الحرب، فليس عليه قضاء ما مضى، وإن علمه بذلك رجلان، أو رجل وامرأتان ممن هو عدل، ثم فرط في ذلك كان عليه أن يقضي ما فرط منه من وقت إعلامه في دار الحرب كان، أو في دار الإسلام، وإن كان إنما أعلمه بذلك، رجل واحد، أو ناس من أهل الذمة لم يكن عليه أن يقضي شيئاً فيما مضى، وقال أبو يوسف: إذا لم يبلغه، وهو في دار الحرب لم يقض، وإن كان في دار الإسلام قضى، والله أعلم بالصواب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015