أو.......، والعاشر يظن غير ذلك، ويريد فتحه؛ فإن كان في فتحه ضرر على المالك يفتحه، وينظر فيه، ولا يلتفت إلى قول المالك؛ لأن في الوجه لا يمكن معرفة ما وقع فيه الدعوى من حيث المعاينة بالفتح لمكان ضرر المالك، فتصير فيه الدعوى والإنكار، فالعاشر يدعي لنفسه زيادة حق، والمالك ينكر، وفي الوجه الثاني؛ أمكن معرفة ما وقع فيه الدعوى بالمعاينة بواسطة الفتح، فلا ضرورة إلى اعتبار قوله.
وإذا مر على العاشر بمائتي درهم بضاعة، فالعاشر لا يأخذ منه شيئاً؛ لأن العشر إنما يؤخذ من المالك، أو ممن هو نائب عنه في أدائه، والمستصنع ليس بمالك، وليس بنائب عن المالك في أداء العشر، فلا يأخذ من المالك منه، وإن سِيْرَ عليه بمائتي درهم مضاربة، فلأبي حنيفة رحمه الله فيه قول أول وآخر، في قوله الأول يأخذ منه، وفي قوله الآخر؛ لا يأخذ، وهو قول أبي يوسف، ومحمد؛ لأنه ليس بمالك، ولا بنائب عن المالك في حق أداء الزكاة؛ لأن المالك أمره بالتجارة، أما ما أمره بأداء الزكاة.
وإذا مر العبد على العاشر بمال فهو على وجهين: إن كان في يده مال المولى، فإن العاشر لا يأخذ منه شيئاً مأذوناً كان العبد أو محجوراً، وإن كان في يده كسبه، فإن كان محجوراً، فكذلك الجواب، وإن كان مأذوناً فلأبي حنيفة فيه قول أول، وقول آخر، في قوله الأول: لا يأخذ منه شيئاً، وهو المذكور في «الجامع الصغير» ، وفي قوله الآخر يأخذ، وهو قول أبي يوسف، ومحمد، وجهه ما ذكرنا في المضارب.
إذا مر التاجر على عاشر أهل الخوارج، وأخذ منه العشر، ثم مر على عاشر أهل العدل أخذ منه العشر ثانياً، فرق بين هذا وبين ما إذا غلب الخوارج على بلدة من بلاد أهل العدل وأخذوا زكاة سوائمه، ثم ظهر عليهم أهل العدل، فإنه لا يأخذ منهم الزكاة ثانياً.
والفرق: إن قدر الزكاة حق الفقراء أمانة في يد صاحب المال، فإذا مر على الخوارج بذلك، فقد عرض الأمانة على التلف، والأمين يضمن بمثل ذلك كالمودع، بخلاف ما إذا غلب الخوارج على أهل العدل؛ لأن هناك لم يوجد في أرباب المواشي تعريض للأمانة على التلف والأمين يضمن بمثل ذلك كالمودع، إنما أخذ الأمانة منهم كرهاً، والأمين لا يضمن بمثل ذلك كالمودع إذا أخذ منه الوديعة على كره منه.
إذا مر على العاشر بما لا يبقى نحو البطيخ والقثاء والرمان، وقد اشتراه للتجارة، فالعاشر لا يأخذ منه شيئاً عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لها، فهما يقولان: حق الأخذ للعاشر بسبب الحماية، وهذا المال كان في حماية هذا العاشر، ولأبي حنيفة: أن حق الأخذ للعاشر، وإن كان بسبب الحماية، ولكن أنظر الفقراء، ولا ينظر للفقراء في الأخذ ههنا.
بيانه: أن الغالب فيه يكون العاشر نائباً عن البلدة، فلا يجد ثمنه فقيراً يؤدي المأخوذ إليه، فيحتاج إلى النقل إلى البلد ليصرفه إلى الفقراء، فيتنازع إليه الفساد.