الفصل السادس في تعجيل الزكاة

ويجوز تعجيل الزكاة قبل الحول إذا ملك نصاباً عندنا؛ لأنه أدى بعد وجود سبب الوجوب؛ لأن سبب الوجوب نصاب نام؛ فإن نظرنا إلى النصاب فالنصاب قد وجد؛ وإن نظرنا إلى النماء فقد وجد أيضاً؛ لأن العبرة لسبب النماء وهو الإسامة أو التجارة لا لنفس النماء، وقد وجد سبب النماء.

بخلاف ما إذا عجل قبل كمال النصاب؛ لأنه أدى قبل وجود سبب الوجوب، وإذا عجل زكاة سنتين، يجوز عن علمائنا الثلاثة خلافاً لزفر، وكذلك إذا عجل زكاة نصب كثيرة، وله نصاب واحد جاز عند علمائنا الثلاثة، وإذا عجل عشر نخلة قبل أن يخرج منه شيء لا يجزئه عند أبي حنيفة ومحمد، ويلزمه أن يعطي عشر الخارج وعلى قول أبي يوسف يجوز التعجل، ولا يلزمه شيء إذا كان ما أدى مثل عشر ما خرج.

وعلى هذا الخلاف: إذا زرع وعجل العشر قبل النبات، ولو عجل بعدما نبت وصار له قيمة، فإنه يجزئه بالإجماع، إذا خرج الحب بعد ذلك.

وجه قول أبي يوسف: أنه أدى بعد وجود سبب الوجوب؛ لأن النخيل سبب حصول التمر؛ لأن بعد وجود النخيل لا يحتاج إلى واسطة اختيارية لحصول التمر وهذا هو حد السبب، وكذلك الزراعة سبب حصول الحب بهذا الطريق، وإذا كان سبباً لخروج التمر والحب كان سبباً لوجود النماء، فيكون سبباً للوجوب، فكان الأداء بعد وجود سبب الوجوب، وعلى هذا الجواب يخرج ما أدى قبل الزراعة.

وجه قول محمد: أن الأداء حصل قبل وجود سبب الوجوب؛ لأن سبب وجوب العشر الخارج الذي يجب فيه العشر كما أن سبب وجوب الزكاة المال الذي تجب فيه الزكاة.

وفي «المنتقى» : قال أبو يوسف: لا بأس بتعجيل زكاة النخل والكرم لسنين؛ لأن هذا قائم كالحرث الذي بذره حال ثمنه، قال أبو يوسف: وأما الأنعام إذا أراد أن يزكي ما في بطونها مع الأمهات ويحتسب بها في العدد، فعجل ذلك قبل الحول أجزأه إذا كانت حوامل.

وفيه أيضاً: الحسن بن زياد عن أبي حنيفة: رجل له ألف درهم أراد أن يعجل زكاتها قبل الحول فعليه أن يزكي من كل إحدى وأربعين درهماً، وسيأتي المعنى فيه بعد هذا، وإن حال الحول قبل أن يؤدي وجب عليه في كل أربعين درهماً درهم، ولو كانت له واحد وأربعون ألف درهم، فعجل زكاتها عجل ألف درهم وليس عليه أكثر منها؛ لأن الحول إنما يحول على أربعين ألفاً.

قال محمد في «الزيادات» : رجل مرّ على العاشر بمائتي درهم، فأخبر العاشر أنه لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015