ولا زكاة في الحمر والبغال وإن كانت سائمة؛ لأن الزكاة لا تجب في الحيوانات إلا بالإسامة والخيل والإبل والغنم تسام عادة أما الحمر والبغال لا تسام عادة.
قال محمد رحمه الله: وليس في الحملان والفصلان والعجاجيل زكاة، وكان أبو حنيفة رحمه الله أولاً يقول: يجب فيها ما يجب في المسنان، وهو قول زفر، ثم رجع عن هذا القول، وقال: يجب فيها واحدة منها، وهو قول أبي يوسف والشافعي، ثم رجع عن هذا القول وقال: لا يجب فيها شيء، وهو قول محمد. وجه قوله الأول: قوله عليه السلام: «في خمس من الإبل السائمة شاة» ، وقوله عليه السلام: «في أربعين شاة شاة» وهذا اسم جنس، فيتناول الصغار والكبار كما يتناول الذكور والإناث. وجه قوله الثاني أن قول أبي بكر: «لو منعوني عناقاً مما كانوا يؤدونه على عهد رسول الله عليه السلام لقاتلتهم» بين أن للعناق مدخلاً في باب الزكاة، ولا يكون ذلك إلا في الصغار، وجه قوله الآخر: أن الزكاة عرفت نصاً، فإن أمكن إيجابها كما نطق به النص تجب وما لا فلا، وأدنى ما ورد الشرع بإيجابه في الإبل من الإبل بنت مخاض.
ثم إن مشايخنا تكلموا في كيفية الاختلاف في هذه المسألة، بعضهم قالوا الاختلاف في انعقاد الحول على الصغار، عند أبي حنيفة آخر الحول لا ينعقد على الصغار، وهو قول محمد، وعند أبي يوسف وزفر والشافعي ينعقد، وبعضهم قالوا: الاختلاف في بقاء الحول إذا كان للرجل نصاب إبل أو نصاب بقر أو غنم، فولدت أولاداً وهلكت (134أ1) الأمهات وتمّ الحول على الأولاد، فلا شيء فيها عند محمد، وهو قول أبي حنيفة آخراً وعند أبي يوسف وزفر والشافعي تجب.
ثم اتفقت الروايات عن أبي يوسف في الحملان إذا كانت أربعين وفي العجاجيل إذا كانت ثلاثين أنه تجب واحدة منها، وإذا كانت أقل من ذلك لا يجب شيء كما في المسنان، واتفقت الروايات عنه في الفصلان أيضاً أنه تجب في خمسة وعشرين فصيل واحد منها، ثم لا يجب شيء حتى تبلغ عدداً تجب اثنان من الكبار وهو ستة وسبعون، فإنه يجب فيها بنتا لبون، فإذا بلغت الفُصْلان هذا المبلغ تجب اثنان منها.......، فقد اختلفت الروايات عن أبي يوسف فيه، وفي رواية قال: لا يجب فيها شيء، وفي رواية قال: لا يجب في خمس فصال الأقل من واحدة منها، ومن شاة وفي العشر الأقل من ثنتين منها ومن شاتين، وفي خمسة عشر الأقل من ثلاث منها ومن ثلاث شياه. وفي عشرين الأقل من أربع منها ومن أربع شياه، وفي خمسة وعشرين واحدة منها، وفي رواية في العشر الأقل من واحدة منها ومن شاتين إلى آخر ما ذكرنا، وهاتان الروايتان لا حجة