بمخاصمتن يوم الجمعة من قتلهن، فيبقى عليهن أثر الشهادة ليكون شاهداً لهن كما للرجال، وأما الصبيان، فعند أبي حنيفة رحمه الله يغسلون، وعندهما لا يغسلون. قال أبو حنيفة رحمه الله: ليس للصبي ذنب هجره، فالقتل في حقه والموت حتف أنفه سواء، ثم الصبي لا يخاصم بنفسه، وإنما يخاصم عنه الله تعالى، والله تعالى غني عن الشهود، فلا حاجة إلى إبقاء أثر الشهادة.

قسم آخر في تكفين الشهداء

ويكفن الشهيد في ثيابه الذي عليه لقوله عليه السلام: «زملوهم بلباسهم» ولحديث زيد بن صوحان وصخر بن عدي: «لا تنزعوا عني ثوباً ولا تغسلوا عني دماً» ، ولأن في نزع ثيابه إزالة أثر الشهادة عنه.

وقد أمرنا بإبقاء أثر الشهادة عليه. ألا ترى أنا أمرنا بإبقاء الدم الذي على يديه، وكره إزالته بالغسل، فكره نزع ثيابه لهذا، غير أنه ينزع عنه السلاح والجلود والفرو والحشو والخف والقلنسوة، وكلما ليس من جنس الكفن لما روي عن علي رضي الله عنه أنه قال: «تنزع عنه العمامة والخفان والقلنسوة» .

وعن زيد بن صوحان رضي الله عنه أنه قال: «ادفنوني في ثيابي ولا تنزعوا عني إلا الحشو» ولأن ما يترك على الشهيد يترك ليكون كفناً له، والكفن للستر، والفرو والحشو يلبسان للزينة أو لدفع الحر والبرد، والميت قد استغنى عن ذلك، ولهذا كره تكفين غير الشهيد بهذه الأشياء، فإذا كره التكفين بهذه الأشياء ابتداء، كره الترك عليه كفناً له.

وفي «السير الكبير» يقول: ينزع عنه ما ليس من جنس الكفن نحو السلاح والسراويل والقلنسوة، ولم يذكر محمد السراويل إلا في «السير» ، وكان الفقيه أبو جعفر الهندواني يقول: الأشبه أن لا ينزع عنه السراويل؛ لأن في نزعه إبراز العورة من غير الضرورة، ووافقه في ذلك كثير من المشايخ من مشايخنا رحمهم الله.

ويزيدون في أكفانهم ما شاؤوا، وينقصون ما شاؤوا، قيل: معناه يزاد على ما عليه من الثياب إذا قل حتى يبلغ السنّة، وينقص عما عليه إذا كثر حتى يبلغ السنّة، وقيل: معناه يزاد على ما عليه من الثياب ثوب جديد تكرماً له، وإن كان ما عليه يبلغ السنّة، وينقصون ما شاؤوا كما يفعل بغيره من الموتى، إنما لا يزال عنه أثر الشهادة، فأما في سوى ذلك فهو كغيره من الموتى، وبه ختم.

نوع آخرمن هذا الفصل في تكفين الميت

هذا النوع ينقسم أقساماً قسم في مقدار الكفن. قال محمد رحمه الله: أدنى ما تكفن فيه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015