قلنا: إنه في حكم الجرو من وجه، وفي حكم النفس من وجه فيعطى له حظاً من الشبهين، فلاعتباره بالنفوس، قلنا: يغسل ولاعتباره بالأجراء قلنا: لا يصلى عليه.
وأما السقط الذي لم تتم أعضاؤه، ففي غسله اختلاف المشايخ، والمختار أنه يغسل ويلف في خرقة.
وإذا غرق الرجل في الماء ومات أو وقع في بئر ومات فعن أبي يوسف رحمه الله أن ذلك لا ينوب عن الغسل وكذلك إذا أصاب الميت المطر لا ينوب ذلك عن الغسل.
فرق بين الميت والحي، والفرق: أن الغسل في حق الحي يتكلف به لغيره، وهو الطهارة وعرف ذلك بقوله تعالى: {وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهّرَكُمْ} (المائدة: 6) ، وقد حصلت الطهارة من غير فعله، فأما الطهارة لم تعرف مطلوبة من غسل الميت يجوز أن يكون غسله لهذه الحكمة، ويجوز أن يكون غسله لحكمة أخرى، فلا يجوز القول بسقوط الأمر بالغسل عند حصول هذه الحكمة، وهي الطهارة؛ ولأن الأمر بغسل الميت لاقى الأحياء، فلا بد من فعل منهم، ولم يوجد، والأمر في حق الحي بالاغتسال لاقاه بعينه، وقد وجد نوع فعل منه في هذه الصورة.
وإذا لم ينب ذلك عن الغسل يغسل ثلاثاً بعد ذلك في قول أبي يوسف. وعن محمد أنه إذا نوى الغسل عند إخراجه من الماء يغسل مرتين بعد ذلك وإن لم ينوِ الغسل عند إخراجه يغسل ثلاثاً بعد ذلك، وعنه في رواية أخرى يغسل مرة واحدة. وإذا غسل الميت، ثم خرج منه شيء؛ فإنه لا يعاد الغسل، ولا الوضوء عندنا، وبه ختم.
قسم آخر في بيان الأسباب المسقطة لغسل الميت
فنقول: غسل الميت يسقط بأسباب: أحدها: انعدام الغاسل حتى أن الرجل إذا مات بين يدي النساء في السفر ييمم، فبعد ذلك ينظر إن كن أجنبيات يممنه من وراء الثياب، وإن كانت فيهن ذو رحم محرم منه يممته بيدها.
وكذلك المرأة إذا ماتت بين يدي الرجال في السفر، فإن كانوا أجانب يمموها من وراء الثوب، وإن كان فيهم ذو رحم محرم منها يممها بيده.
وإذا كان مع النساء رجل من أهل الذمة، أو مع الرجال امرأة ذمية علم الذمي والذمية الغسل، وإذا كان مع الرجال زوجها لم يحل له أن يغسلها، ولو كان مع النساء امرأة الميت حل لها أن تغسله.
وفي «العيون» : إذا ظاهر من امرأته ثم مات منها فلها أن تغسله لأن النكاح قائم ولو كان لرجل امرأتان فقال: إحداكما طالق ثلاثاً، وقد كان دخل بهما، ثم مات قبل البيان ليس لكل واحدة منهما أن تغسله لجواز أن كل واحدة منهما مطلقة، ولهما الميراث، وعليهما عدة الوفاة والطلاق.
وفي «فتاوى أهل سمرقند» : مات الرجل عن امرأته، وهي مجوسية؛ لأنه كان لا