الإمام وقدّم مقيماً، فإنه لا ينقلب فرض القوم أربعاً، فكذلك ههنا، ثم بماذا يعلم العبد أن المولى نوى الإقامة، قال بعضهم: يقوم المولى بأن العبد ينصب أصبعه أولاً، ويشير بأصبعه ثم ينصب أربعة أصابع، ويشير بأصابعه الأربع.

الأكابر المسافر إذا سلم ونيته، وبين مقصده أقل من ثلاثة أيام كان حكم المقيم، وكذا الصبي إذا كان في السفر مع أبيه ثم بلغ الصبي وبينه وبين وطنه أقل من ثلاثة أيام كان مقيماً، هكذا قاله الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله، وقال غيره من المشايخ إذا بلغ الصبي يصلي أربعاً وإذا أسلم الكافر يصلي ركعتين، وهو اختيار الصدر الشهيد رضي الله عنه؛ لأن نية السفر من الكافر قد صحت، لكونه من أهل النية، فصار مسافراً من ذلك الوقت ونية الصبي لم تصح، لأنه ليس من أهل النية ومن الموضع الذي بلغ فيه إلى المقصد أقل من مسيرة سفر، فلهذا يصلي أربعاً، وقال بعضهم يصليان ركعتين.

وفي «متفرقات» الفقيه أبي جعفر: أنهما يصليان أربعاً، فأما المسلم المسافر إذا ارتد والعياذ بالله، ثم أسلم من ساعته وبين وطنه وبينه أقل من ثلاثة أيام يبقى مسافراً، كمسلم تيمم ثم ارتد، والعياذ بكرم الله ثم أسلم لا يبطل تيممه، فكذا لا يبطل سفره والله أعلم.

نوع آخرمسائله قريبة من مسائل هذا النوع

قال محمد رحمة الله عليه في «السير الكبير» : إذا كان للمسلمين مدينتان بينهما مسيرة يوم واحد وإحداهما أقرب إلى أرض الحرب من الأخرى، فيكتب والي المدينة القريبة إلى والي المدينة البعيدة إن الخليفة، كتب إليّ يأمرني بالغزو إلى أرض الحرب، فأعلم من بذلك، فليقدموا إلي فإني شاخص من مدينتي يوم كذا وكذا، فخرج القوم من المدينة البعيدة يريدون الغزو معه ولا يدرون أين يريد من أرض الحرب، فإن كان بين المدينة القريبة وبين أرض الحرب مسيرة يومين فصاعداً، فإن الذين خرجوا من المدينة البعيدة يقصرون الصلاة حين يخرجون من مدينتهم، وإن كان أقل من مسيرة يومين، فإنهم قصدوا مسيرة ثلاثة أيام وفي الوجه الثاني يقصرون الصلاة؛ لأن في الوجه الأول قصدوا مسيرة أقل من ثلاثة أيام.

فإن قيل: هذا اختيار أول أرض الحرب ويجوز أن يجاوز، ويجوز أن لا يجاوز، فيثبت من المدينة القريبة أول أرض الحرب قدر مسيرة يومين أو ثلاثة أيام أو زيادة على ذلك.

قلنا: قصد الوالي إلى أرض الحرب ليس معلوم يجوز أن يجاوز، ويجوز أن لا يجاوز فيثبت من أهل المدينة البعيدة قصد مجاوزة أول أرض الحرب على أحد الاعتبارين، فكانوا قاصدين مسيرة السفر من وجه دون وجه، فلا يثبت قصد مسيرة السفر بالشك وبدونه لا يثبت إباحة القصر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015