الصلاة في وقت مكروه وأفسدها وقضاها في وقت مكروه، وذلك جائز كذا ها هنا، وذكر في بعض الروايات أنه يومىء عندنا، وكذلك إذا سمعها وهو راكب يجزئه أن يومىء على أنه لا يجوز والله أعلم.
ولو تلاها راكباً أجزأه على الدابة، وإن تلاها أو سمعها ماشياً لم تجزئه أن يومىء لها وهو في ركب يكون خارج المصر، أما الراكب الذي هو في المصر إذا أومأ لتلاوته، فقد جرى عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يجوز، وهو قياس مذهبه على التطوع على الدابة في المصر، ولو تلاها على الدابة ثم نزل ثم ركب، فأداها بالإيماء جاز ماشياً إلا على قول زفر رحمه الله، وههنا آخر في نوع المتفرقات في هذا الفصل والله أعلم.
نوع آخر في بيان حكمها
فنقول من حكم هذه السجدة التواجد حتى يكفي في حق التالي سجدة واحدة، وإن اجتمع في حق التلاوة والسماع وشرط الترك حل اتحاد؛ لأنه اتحاد المجلس حتى لو اختلف المجلس واتحدت؛ لأنه لا تتداخل ولو اتحد المجلس واختلفت الآية لا تتداخل، ولها سبب على التداخل، لوجوه:
أحدها: ما حكى القاضي أبو القاسم عن القضاة الثلاثة رحمهم الله: أنه يعيد مكرر عرفاً، فإن من قرأ أية واحدة في مجلس واحد بالحكمة، وقرأ خطبة واحدة في مجلس واحد مراراً يقال في العرف كرره، وهذا عرف تأيد بالحكمة، فإن من أقر بالزنا أربع مرات في مجلس واحد يكون في الإقرار التالي مكرراً ومعيداً، وإذا كان مكرراً ومعيداً عرفاً كان التالي الأول، فلا يكون التالي حكم نفسه، ولا عرف فيما إذا اختلف المجلس أو اختلف، ما حكي عن القاضي أبي عاصم العامري رحمه الله أن المجلس يجمع الكلمات المتفرقة من جنس واحد ويجعلها ككلمة واحدة، ألا ترى أن من أقر بالزنا أربع مرات في مجلس واحد يجعل مقراً مرة واحدة، فكذا ههنا يجعل كأنه قرأ مرة واحدة، فأما المجالس المختلفة لا تجمع الكلمات المتفرقة، ولا تجعلها ككلمة واحدة كما لو أقر بالزنا أربع مرات في أربع مجالس لا يجعل معبراً مرة واحدة، فكذا ههنا لا يجعل كأنه قرأ مرة واحدة.
والثالث: ما ذهب إليه مشايخ ما وراء النهر: أن الحاجة إلى تكرار كلام الله تعالى للتعليم والتعلم وليحفظ صاحبه ما بينه فلو أوجبنا بكل مرة سجدة على حدة يقع في الحرج، ولأنه تنقطع عليه القراءة، بخلاف ما إذا اختلفت الآية في مجلس واحد؛ لأنه لا حرج ثم؛ لأن آيات السجدة في القرآن محصورة مضبوطة أما التكرار للتعلم وللحفظ غير محصورة ولا مضبوطة؛ ولأن الإنسان لا يقرأ جميع آيات السجدة في مجلس واحد غالباً، أما تكرار آية واحدة في مجلس واحد، فاللتعليم والتعلم والحفظ غالباً فظهرت التفرقة بينهما.