ادعى محدوداً في يدي رجل وقال: إنها خمس دبرات أرض وبين حدودها، فإذا في يدي المدعى عليه محدود بهذه الحدود، إلا أنها أربع دبرات أرض؛ لا تبطل الدعوى لجواز أن هذا المحدود وقت الدعوى كانت خمس دبرات أرض في الوجه الذي قاله؛ إلا أن المدعى عليه بعد ذلك هدم المستساب، فصارت أربع دبرات أرض، وبمثله لو ادعى محدوداً في يدي رجل، وقال: إنها خمس دبرات أرض خالية من الأشجار، فأذن في يد المدعى عليه خمس دبرات أرض فيها الأشجار، أو على المستساب الأشجار، ولكن هي بهذه الحدود لا تسمع الدعوى، ولو كان قال: فيها الأشجار فإذا هي خمس، وأن لا أشجار فيها؛ تسمع الدعوى لجواز أنه كان في هذا المحدود أشجار وقت الدعوى، إلا أن المدعى عليه قلع الأشجار ثم إن المدعى عليه غرس الأشجار وكثرت الأشجار، ويعرف عن هاتين المسألتين كثير من المسائل.
عين في يدي رجل جاء رجل واستحق هذا العين من يدي صاحب اليد، وأراد صاحب اليد أن يرجع على بائعه بالثمن، ثم إن صاحب اليد قال لابن البائع: قد كنت اشتريت منك هذه العين بكذا، وأرجع عليك بذلك الثمن، تسمع دعواه الثاني، ويرجع عليهما بالثمنين جميعاً لجواز أنه اشترى من البائع، ثم جاء ابن البائع وادعى العين لنفسه، فاشترى منه ثانياً، فعند الاستحقاق يرجع بالثمنين جميعاً، وإن كان الصحيح أحد الشراءين إلا أن الرجوع بالثمن عند الاستحقاق يعتمد صورة الشراء ودفع الثمن، لا صحة الشراء لا محالة.
وفي «مجموع النوازل» : امرأتان ولدت كل واحدة منهما ابناً في ليلة مظلمة، ثم ادعيا ابناً واحداً بعينه، وقالت كل واحدة: هذا هو الابن الذي ولدته، فإن الولد الذي ادعياه ابنهما، والولد الآخر يربى من بيت المال هكذا ذكر، وإنه مشكل عندنا، وقد ذكر في كتاب «الدعوى» من الأصل، وفي كتاب اللقيط: أن المرأتان إذا ادعتا نسب ولد وأقامت كل واحدة رجلين، أو رجل وامرأتين فعلى قول أبي يوسف ومحمد: لا يثبت نسبه من واحدة منهما، وعلى قول أبي حنيفة يثبت نسبه منهما. وإذا أقامت كل واحدة منهما امرأة واحدة ذكر في رواية أبي سليمان أنه لا يقضى لواحدة منهما بهذه الحجة عند أبي حنيفة، وذكر في رواية أبي حفص أنه يقضى بالولد بينهما، ولو لم يكن لواحدة منهما حجة لا يقضى بنسب الولد بينهما بلا خلاف، وقد أثبت النسب منهما ههنا بمجرد الدعوى، فما ذكر في «مجموع النوازل» يخالف الرواية.
قال في «مجموع النوازل» : ولو كان أحد الولدين ذكراً والآخر أنثى ادعت كل واحدة منهما الابن، وبقيت الابنة، يوزن لبنهما، فيجعل الابن للتي لبنها أثقل.
وفي «نوادر أبي سليمان» عن أبي يوسف: في رجل ادعى عبداً في يدي رجل