أما القضاء بالجارية؛ لأن الجارية عين ماله، وأما القضاء بالأولاد، فلأن الأولاد فرع الجارية وجزؤها فتكون مملوكة لصاحب الجارية إلا أن يظهر سبب حرية الجزء وذلك (245ب4) ههنا الغرور، غير أن الغرور لا يثبت بمجرد دعوى الزواج بل يشترط إقامة البينة علىه، فإذا أقام الزوج البينة على أنها حرة، فقد ثبت الغرور، فلا يقضى بالأولاد للمولى بل يجعلهم أحراراً بالقيمة؛ لأن ولد المغرور حر بالقيمة بإجماع الصحابة، وهذا لأن ولد المغرور علق حراً في حق المستولد؛ لأنه لم يرضَ برق مائه، وعلق رقيقاً في حق المستحق لأنه متولد من ذات مرقوق، فجعله الشرع حراً بالقيمة نظراً من الجانبين ومراعاة للطريقين.
وطريقه: أن ولد المغرور علق رقيقاً في حق المستحق، فصار الزوج بما ثبت فيه من الحرية حقاً للزوج مانعاً الولد عن المستحق، ومنع الملك على المالك بعد الطلب سبب وجوب الضمان، ولهذا تعتبر قيمة الولد يوم الخصومة؛ لأن وجوب الضمان على المستولد باعتبار منع المملوك عن المالك، والمنع إنما يتحقق عند الخصومة، فتعتبر القيمة يوم الخصومة لهذا؛ وتكون قيمة الولد على المستولد، ولا يكون على الولد ولا في ماله؛ لأن سبب الضمان إنما وجد من المغرور لا من الولد؛ لأن سبب الضمان منع الولد بالحرية، وحرية الولد إنما تثبت من جهة المستولد، وهو اشتراط الحرية عند العقد، فلهذا كان الضمان على المستولد في ماله.
ومن مات من الأولاد قبل الخصومة لا يضمن المستولد شيئاً من قيمته؛ لما ذكرنا أن ولد المغرور علق رقيقاً في حق المستولد، ولو علق رقيقاً في حق المستحق والمستولد بأن كان غاصباً لا يضمن من مات من الأولاد قبل الخصومة، والطلب إنما يضمن من مات منهم بعد الخصوم والطلب فههنا أولى.
ومن قتل منهم خطأ فقضي للأب بديته وقبضها فإنه يقضي عليه بقيمته؛ لأنه سلم له بدل الولد لما قبض الدية، وسلامة البدل كسلامة المبدل، ويضمن قيمة الولد يوم القتل، وكان ينبغي أن يضمن قيمته يوم الخصومة؛ لأن المنع بعد الطلب إنما يتحقق يوم الخصومة ومنع البدل. والجواب: أن يقول: إيجاب القيمة يوم الخصومة ويوم منع البدل متعذر؛ لأنه لا قيمة للولد يوم الخصومة ويوم منع البدل لأنه ميت، والميت لا قيمة له، فاعتبرنا قيمته في آخر يوم يمكن تقويمه إذا منع البدل، وذلك يوم القتل، بخلاف ما لو كان الولد قائماً تقويمه ممكن يوم الخصومة، ويوم المنع ثمة، أما ههنا بخلافه.
وإذا كان لم يقبض شيئاً من دية الولد لا يقضى عليه بقيمة الولد؛ لأنه لم يسلم له الولد لا بنفسه ولا ببدله، فلم يصر هو مانعاً الولد لا بنفسه ولا بمنع بدله، فلهذا لا يقضى عليه بقيمة الولد، وإن قبض من الدية قدر قيمة الولد فإنه يقضي عليه بقيمة الولد لأنه رقيق في حق المستحق حكماً واعتباراً، فإنما يشترط لإيجاب الضمان على المستولد للمستحق أن يسلم له بدله رقيقاً، وقد سلم له ذلك متى قبض قدر قيمته، وإن مات المستولد وعليه ديون كان المستحق أسوة لغرمائه لأن قيمة الولد دين للمستحق على