المكاتب ثبت النسب منه، فههنا أولى، ولأن المكاتبة قادرة على اكتساب سبب يثبت به النسب بأن تزوج نفسها منه، فيثبت به النسب، وهي قادرة على ذلك، فيثبت به النسب، ويجب العقر بها إن ولدت لأكثر من ستة أشهر من وقت كتابتها.u
وإن ولدت لأقل من ستة أشهر فالعقر للمكاتب بحصول العلوق في ملكه، ثم هذا الولد يكون مكاتباً مع أمها، ولا يكون حراً بخلاف ولد أمة المكاتب، والفرق أن حرية ولد أمة المكاتب إنما كانت لأجل الغرور ولا غرور هنا، وهذا لأن رقبة المكاتب وإن كانت مملوكة للمولى في الفصلين إلا أن ملك الرقبة إنما يكون سبباً لملك الكسب إذا كان الكسب محلاً للملك، والأمة محل الملك، فإذا صح النسب في محله، وامتنع الحكم لمانع ثبت الغرور، فأما المكاتبة فليست بمحل الملك، فيبطل النسب ههنا لوقوعه في غير محله، فلا يثبت الغرور، ولو ثبت الغرور ههنا إلا أنه لا يمكن القول بحرية الولد ههنا؛ بخلاف ولد أمة المكاتب.
بيانه: وهو أن حرية ولد المغرور تثبت بالقيمة بإجماع الصحابة رضي الله عنهم وتعذر إيجاب القيمة ههنا، لأنها لو وجبت إما أن تجب للمكاتب أو للمكاتبة لا وجه إلى الأول، لأن المكاتب صار كالأجنبي عن أكساب مكاتبته، وولدها من كسبهما، ألا ترى أنه لو قيل: هذا الولد فالقائل يغرم القيمة للمكاتبة لا للمكاتب، ولا وجه إلى الثاني، لأنه لو وجبت القيمة لها وجبت لأجل العتق، فيجب لها ضمان العتق في أولادها، والمكاتب لا يجب له ضمان العتق في أولاده لأن المكاتبة بعقد الكتابة تسعى لتحصيل مقصودها، فكيف تستوجب القيمة لأجلها بخلاف ولد أمة المكاتب؛ لأن هناك لو أوجبنا القيمة للمكاتب بعتق ولد أمته والمكاتب لا يسعى لتحصيل العتق لولد أمته.
فإن قيل: لا بل إيجاب القيمة للمكاتبة ممكن مع تحصيل مقصودها في حرية الولد؛ ألا ترى أن المكاتبة إذا غرت رجلاً فزوجت نفسها منه، على أنها حرة فولدت ولداً كان الولد حراً بالقيمة، وكانت القيمة لها، قلنا: ليس في حرية الولد تحصيل مقصودها؛ لأن مقصودها أن تعتق هي ولدها على وجه تصير وولدها مولى لمولاها، وهناك إذا وجبت القيمة وحكم بحرية الولد بحكم الحرية من الأصل من غير ولاء فلا يكون الولد مولى لمولاها، فلا يكون فيه تحصيل مقصودها فيمكن إيجاب القيمة لها.
فإن قيل: هذا المعنى ليس بصحيح، فإنا إذا أوجبنا القيمة في مسألتنا وحكمنا بحرية الولد حكمنا بحريته من الأصل من غير ولاء، فلا يكون فيه تحصيل مقصودها أيضاً، قلنا: لا بل هو صحيح، لأن مولاه هنا المكاتب، والمكاتب ليس من أهل الولاء، فلم تكن هي قاصدة أن يكون ولدها مولى مولاها، بل تقصد عتق الولد لا غير؛ وإنه حاصل فقد حصل مقصودها فيتعذر إيجاد القيمة بخلاف تلك المسألة؛ لأن هناك مولى المكاتبة من أهل الولاء، فكانت قاصدة عتق ولدها على وجه تصير هي وولدها مولى لمولاها، وهذا المقصود هناك مما لا يحصل، أما هنا بخلافه.
وإذا ثبت أن الولد يكون مكاتباً مع الأم فالمسألة بعد ذلك على وجهين: إن أدت