استخلاص كسبه لنفسه بقضاء الدين فيصير بدعوى النسب والله أعلم.
نوع آخر في دعوى المكاتب في الأمة من كسبه، وفي دعوى المولى ولد مكاتبة، أو ولد أمة مكاتبة
قال محمد رحمه الله في «الأصل» : وإذا ولدت أمة المكاتب ولداً، وادعى المكاتب نسبه صحت دعوته؛ لأن ما للمكاتب في كسبه أقوى مما للعبد المأذون في كسبه، لأن للمكاتب في كسبه حق الملك؛ حتى لو تزوج بجارية من كسبه لا يجوز، وينقلب ذلك الحق حقيقة بعتقه، وليس للعبد المأذون مثل هذا الحق، فإذا صحت دعوى المأذون أولى أن تصح دعوى المكاتب، ويستوي إن صدق المولى المكاتب في دعوته أو كذبه فيها.
فرق بين المكاتب والمولى: فإن المولى إذا ادعى نسب ولد أمة المكاتب، فإنه لا تصح دعوته إلا بتصديق المكاتب، والفرق: وهو أن حق التصرف في كسب المكاتب للمكاتب، وليس للمولى إبطال التصرف عليه في إكسابه من غير رضاه، ومتى صحت دعوى المولى يبطل على المكاتب حق التصرف، فشرط تصديق المكاتب حتى لا يبطل عليه حق التصرف من غير رضاه، وليس في تصحيح دعوى المكاتب إبطال حق التصرف على المولى، إذ ليس للمولى في أكساب المكاتب حق التصرف، فلم يشترط تصديق المولى لهذا، ويصير هذا الولد بمثل حال المكاتب مكاتباً؛ لأن الكتابة حق لازم في المكاتب، ومثل هذا الحق يسري إلى الولد، ولا يتبع الابن ولا الأم، أما الابن فلأنه صار مكاتباً، وأما الأم فلأن للمكاتب في الأم حق الملك إن لم يكن له فيها حقيقة الملك، ولو كان له فيها حقيقة الملك يثبت لها حق العتق، ويمتنع بيعها، فإذا كان له فيها حق الملك لا حقيقة الملك امتنع بيعها لمكان أصل الحق، ولم يثبت لها حق العتق لانعدام حقيقة الملك.
وإذا اشترى المكاتب أمة فولدت عنده ولداً لأقل من ستة أشهر، فادعاه المكاتب صحت دعوته؛ ولو كان مكان المكاتب عبداً مأذوناً لا تصح دعوته، والفرق: أن دعوى المكاتب إنما صحت باعتبار ما له من حق الملك في أكسابه، والحق يلحق بالحقيقة، وحقيقة الملك في أحد الطرفين: إما طرف العلوق وإما طرف الدعوى يكفي لصحة الدعوى؛ فكذا في حق الملك، أما دعوى العبد إنما تصح باعتبار ما له من تأويل الملك في أكسابه لا باعتبار حق الملك؛ وصحة الدعوى متى كانت باعتبار تأويل الملك يشترط قيامه في الطرفين في طرف العلوق والدعوى كما في الأب.
ونظير هذا ما قالوا في المكاتب: إذا باع جارية له فولدت عند المشتري ولداً لأقل من ستة أشهر صحت دعوته وانتقض البيع؛ ولو ادعاه العبد وباقي المسألة بحالها لا تصح دعوته؛ لأن دعوى العبد باعتبار تأويل الملك فشرط قيامه في الطرفين ودعوى المكاتب باعتبار حق التملك، فيكتفي بقيامه في أحد الطرفين.