هو أو الأكبر، ولا يعتق إن كان المراد بالدعوة الأصغر وأحوال االإصابة حالة واحدة، فصار يعتق في حال ولا يعتق في حال، فيعتق نصفه، وأما الأكبر فهو يعتق في حال ولا يعتق في حالين وهو أن يكون المراد بالدعوى الأوسط أو الأصغر، وأحوال الحرمان أحوال فيعتق ثلثه.
وأما أبو حنيفة يقول: الأصغر إنما يعتق كله، والأوسط نصفه إذا اعتبرنا العتاق لهما من جهة أنفسهما ومن جهة أمهما كما اعتبره محمد، وتعذر اعتبار العتاق لهما بالجهتين، لما بينهما من التضاد والتنافي، فبعد هذا اختلفت عبارة المشايخ في بيان التضاد والتنافي بين الجهتين
فبعضهم قالوا: العتق من جهة نفسه يثبت أصلاً بالدعوى، والعتق من جهة الأم يثبت تبعاً؛ لأنه يعتق تبعاً لعتق الأم؛ وبين كون الشيء تبعاً وأصلاً تنافٍ، فلا بد من اعتبار أحدهما وإلغاء الآخر، ولا شك أن إلغاء جهة التبعية أولى من إلغاء جهة الأصالة، وإذا وجب إلغاء للجهة التي تثبت لهما العتق من جهة الأم بقيت العبرة للجهة التي تثبت لهما العتق من جهة أنفسهما أصلاً، وباعتبار هذه الجهة ثبت لكل واحد منهما ثلث العتق؛ لأن كل واحد منهما يعتق في حال رق في حالتين، فيعتق من كل واحد منهما ثلثه.
وبعضهم قالوا: ما يثبت لهما من العتق من جهة أمهما يثبت في ثاني الحال، وهو ما بعد موت السيد، وبينما يثبت من العتق في الحال، وبينما يثبت في الثاني تنافٍ؛ لأن الذي يثبت في الحال يزيل الرق في الحال، والذي يثبت في الثاني يزيل الرق في الثاني، وبين كون الرق زائلاً في الحال وغير زائل تنافٍ، فلا بد من إلغاء أحدهما، فنقول: إلغاء ما يوجب العتق في الثاني أولى من إلغاء ما يوجبه منجزاً في الحال، لأن المنجز أقوى، فلنا اعتبار جهة العتق التي تثبت لهما من جهة الأم، وبقيت العبرة للجهة التي تثبت لهما العتق من جهة أنفسهما، وباعتبار هذه الجهة تثبت لكل واحد منهما ثلث العتق على ما بينا، ولم يذكر ههنا أن الورثة هل يجبرون على البيان؟، وذكر في «وصايا الفتاوى» : أنهم يجبرون، وإذا بين واحد منهم وقالوا: هذا ولده يثبت نسبه؛ ولا يلتفت إلى قول الباقين وجحودهم.
وإذا ولدت أمة الرجل ابناً من غير زوج فلم يدعه المولى حتى كبر الابن وولد الابن ولداً من أمة للمولى، ثم مات الابن الأول، ثم ادعى المولى أحدهما وقال: أحد هذين ابني، يعني الميت وأبيه، قال: يعتق الابن الأسفل كله، وهذا بلا خلاف، أما على أصل أبي حنيفة فلأنه لا يعتبر العتق من جهة نفسه، وباعتبار هذه الجهة يعتق الأسفل كله؛ لأن المولى يصير جامعاً بين حي وميت، وقوله: أحدكما حر، تنصرف الحرية كلها إلى الحي منهما، أما عند محمد فلأنه إن كان المراد بالدعوى هو عتق لأنه ابنه، وإن كان المراد بالدعوى الميت؛ عتق هو أيضاً؛ لأنه ابن ابنه فتيقنا بعتقه ويعتق من كل واحد من الجاريتين نصفها، لأن كل واحدة تعتق في حال وترق في حال