مدعي الكبرى، ولم يثبت نسب الكبرى منه، هل تصير الجدة أم ولد له؟ فهذا الشرط لمحمد رحمه الله يدل على أن الجدة إذا كانت ميتة إنها لا تصير أم ولد له، وفيما تقدم وهو أن ما إذا كانت ولادة الكبرى لستة أشهر من وقت الشراء؛ ذكر أن الجدة (240ب4) تصير أم ولد لمدعي الكبرى حية كانت الجدة أو ميتة، حتى ضمن مدعي الكبرى نصف قيمة الجدة لمدعي الصغرى على كل حال، والفرق أن حق الأم الولد إنما يثبت تبعاً للولد على ما عرف في موضعه، ففيما تقدم دعوى مدعي الكبرى دعوى استيلاد على ما مر؛ فتستند حرية الولد إلى وقت العلوق، فيثبت حق العتق للأم من ذلك الوقت تبعاً للولد، وفي ذلك الوقت هي محل لحقيقة العتق فكانت محلاً لحق العتق. أما في هذه المسألة دعوى مدعي الكبرى دعوى تحرير، فتقتصر الكبرى على حالة الدعوى فيثبت حق العتق للأم مقصوراً على حالة الدعوى أيضاً، فإن كانت حية كانت محلاً لحقيقة العتق، فتكون محلاً لحق العتق.
وإذا كانت ميتة لم تكن محلاً لحقيقة العتق فلا يكون تحملاً لحق العتق، إذا لحق يلحق بالحقيقة، فإذا كانت الجدة حية حتى صارت أم ولد لمدعي الكبرى؛ ذكر أن مدعي الكبرى يضمن نصف قيمتها لمدعي الصغرى موسراً كان أو معسراً، فضمان الاستيلاد لا يختلف باختلاف اليسار والعسار، بخلاف ضمان العتاق حيث يختلف باختلاف اليسار والعسار.
والوجه في ذلك: أن قضية القياس أن ضمان العتق يختلف أيضاً، ويكون على المعتق على كل حال؛ لأن المعتق هو المفسد لنصيب صاحبه عند أبي حنيفة، وهو المتلف على قولهما، إلا أنا تركنا القياس وأوجبناه على العبد إذا كان المعتق معسراً بالنص. والنص الوارد بإيجاب ضمان العتق على العبد إذا كان المعتق معسراً، ومنفعة الإفساد والإتلاف في نصيب الساكت كلها تحصل للعبد لا يعتبر وارداً دلالة في ضمان الاستيلاد، وعامة منافع نصيب الساكت حاصلة للمستولد لا للأمة من الإجارة والتزويج والاستخدام والوطء، وهو معنى ما نقل من المشايخ أن ضمان الاستيلاد ضمان بملك، فإن عامة منافع نصيب الساكت للمستولد لا للأمة فتكون ضمان بملك هذا الاعتبار، فوجب عليه موسراً كان أو معسراً لهذا.
رجلان اشتريا جارية فولدت في ملكهما ولداً لأقل من ستة أشهر، فادعى الولد أحدهما صحت دعوته؛ لأنه يملك إعتاقه، وإن رد عليه شريكه فتصح دعوته من طريق الأولى؛ لأن الدعوى أسرع ثبوتاً بالإعتاق؛ بدليل أن الأمة تملك دعوى ولد جارية أمته، ولا يملك إعتاقه، وإذا صحت دعوته كانت الجارية أم ولد له، وضمن لشريكه نصف قيمتها يوم ادعى الولد؛ موسراً كان أو معسراً؛ لأنه صار متملكاً نصيب شريكه من الجارية.
أكثر ما في الباب أنه أقر بالاستيلاد قبل الملك، وبالاستيلاد قبل الملك لا يثبت التملك، إلا أن الاستيلاد قبل الملك قد ينعقد موجباً أمومية الولد موقوفاً على الملك،