قلنا: عدم وجود العقر ثمة ما كان باعتبار أنه دخل في قيمة الجارية بل باعتبار أن الأب يملك الجارية سابقاً على الوطء شرطاً لصحة الاستيلاد، لأن نصيبه يكفي لصحة الاستيلاد، وإنما يتملك نصيب الشريك بعد الاستيلاد، وبعدما ثبتت أمية الولد في نصيبه بالطريق الذي قلنا، فالوطء صادف جارية مشتركة، فيضمن نصف العقر لهذا، ولا يضمن مدعي الولد شيئاً من قيمة الولد؛ لأنه لا وجه إلى أن يضمن قيمته بعد الولادة لأن الولادة حصلت كلها في ملكه، فكان الولد حاصلاً في ملكه ولا وجه إلى أن يضمن قيمته حالة العلوق، وإن كانت الجارية ملكها وقت العلوق؛ لأنه كان ماء مهيناً في ذلك الوقت، هذا إذا جاءت بالولد لستة أشهر من وقت شرائه إياها، فأما إذا جاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من وقت شرائه إياها وباقي المسألة بحالها؛ صحت دعوى كل واحد منهما فيما ادعى، ويثبت نسب الغلام من مدعيه، ونسب الجارية من مدعيها، لأن دعوى كل واحد منهما دعوى تحرير لأن علوق كل واحد منهما لم يكن في ملكه فانعدم دليل السبق، وزال المرجح.
قال: ويضمن شيئاً من قيمة الجارية، وإن زعم أنه يملك نصيب شريكه من الجارية بالقيمة إلا أن شريكه يكذبه من إقراره فإنه يقول بأن مدعي الولد لم يتملك على نصيبي من الجارية؛ لأنها علقت حرة أو رقيقة إلا أنها عتقت على حين اشتريناها، وقد صحت هذه المقالة منه لقيام ملكه في الجارية (240أ4) وقت هذه المقالة، ولم يصر مكذباً شرعاً في هذه المقالة؛ لأن القاضي قضى بعتق الجارية كما قال، وأما لا يضمن له شيئاً من قيمة الولد؛ لأن مدعي الجارية يقول: إنه ما أتلف الولد علي لأنه حافدي، وقد علق حر الأصل، ولم يصر مكذباً في هذه المقالة؛ لأن القاضي حكم بحرية الولد كما يقول هو، وأما لا يضمن له شيئاً من عقرها، وزعمه معتبر شرعاً لما ذكرنا.
قال: ولا يضمن مدعي الجارية من قيمة الجارية لشريكه عند أبي حنيفة إن كان موسراً يضمن نصف قيمتها، وإن كان معسراً فالجارية لا تسعى في ذلك.
وعندهما: إن كان موسراً يضمن نصف قيمتها، وإن كان معسراً سعت الجارية في ذلك لأن في زعم شريكه أنه بدعوى الجارية أتلف عليّ أم ولدي، وحال بينهما وبيني إلا أن رق أم الولد ليس بمتقوم عند أبي حنيفة وعندهما هو متقوم، والمسألة معروفة في عتاق الأصل، وكذلك لا يضمن مدعي الجارية من عقر الجارية لشريكه؛ لأن مدعي الجارية ما أقر بوطء الجارية وإنما أقر بوطء أم الجارية، وأم الجارية لم تكن مملوكة لشريكه.
رجلان اشتريا جارية، فولدت في ملكهما ابنة لستة أشهر فصاعداً، فكبرت الابنة وولدت ابنةً، ثم ادعى أحد الشريكين البنت الكبرى، وادعى الشريك الآخر البنت الصغرى، وكان الدعوتان منهما معاً كما ذكر في «الكتاب» أنه يثبت نسب كل واحدة منهما من مدعيها، أما نسب الكبرى فإنما يثبت من مدعيها؛ لأن دعوته دعوى الاستيلاد؛ لأن علوق الكبرى كان في ملكهما، ودعوى الاستيلاد تستند إلى وقت العلوق، وفي تلك الحالة لا منازع له فصحت دعوته وثبت النسب منه، وأما نسب الصغرى فقد قيل ما ذكر