الآخر: إنه ابن صاحبي، ثم ادعى أحدهما أنه ابنه، إن ادعى الثاني لا تصح دعوته بلا خلاف؛ لأنه أقر بنسبه الأول، ولم يكذبه الأول بإقراره أنه للثاني لأن إقرار الأول كان سابقاً على إقرار الثاني، والتكذيب ما يكون متأخراً عن الأول لا سابقاً عليه، وإن ادعاه الأول فعلى قول أبي حنيفة؛ لا تصح دعوته خلافاً لهما، لأن الثاني كذب الأول في إقراره لما أقر أنه للأول، وعند تكذيب المقر له لا تصح دعوى المقر بعد ذلك عند أبي حنيفة رحمه الله خلافاً لهما، وعتق الولد أيضاً لتصادقهما على حريته؛ وتكون الجارية أم ولد له موقوفة لأن كل واحد منهما ينفيه عن نفسه، ويقرّ به لصاحبه، فتكون موقوفة أيهما مات عتقت.

نوع آخر في دعوى الرجل ولد الجارية مع نكاح أمها ودعوى المولى بيع تلك الجارية منه أو على العكس

قال محمد رحمه الله: وإذا ادعى الرجل أمة في يدي رجل أنه تزوجها وأنها ولدت منه هذا الولد، وقال المولى: بعتكها بألف درهم، وقال: الولد منك، قال: هذا الولد ثابت النسب من المستولد؛ لأنهما تصادقا على ثبات النسب منه، إلا أنهما اختلفا في سببه، فالزوج زعم أن سببه ملك النكاح، والمولى زعم أن سببه ملك اليمين، والسبب إن لم يثبت لاختلافهما في ذلك ثبت النسب؛ لأن القضاء بالنسب من غير سبب متعين ممكن، ألا ترى أن لو شهد شاهدان أن هذا ابنه، فإن القاضي يقضي بثبات نسب الولد من المشهود عليه وإن لم يبينا سبباً، وهذا لأن حكم النسب الحرمة وهي حرمة المناكحة والنفقة والميراث، وهذه الأحكام لا تختلف بأي سبب ما ثبت النسب، فلا يشترط بيان، ألا ترى أنه لم يشترط بيان السبب في بيان المال حتى إذا شهد شاهدان أن لهذا الرجل على هذا الرجل ألف درهم، ولم يبينا سببه، فالقاضي يقضي بالمال؛ لأن حكم الوجوب وهو الإيفاء لا يختلف باختلاف السبب كذا ههنا، ويعتق الولد لأنهما تصادقا على حريته فالمولى يزعم أنه علق حر الأصل، والزوج يقول: إن الولد ملك المولى وقد أقر أنه حر (237ب4) الأصل فهو معنى؛ قلنا: إنهما تصادقا على حريته، وتصير الجارية أم ولد لأنهما تصادقا على ذلك؛ فالمولى يقول: إن الجارية ملك المستولد، والمستولد يقول: إنها ملك المولى؛ وإقراره نافذ في حقها، وقد أقر لها بحق العتق، فصارت أم ولد للمستولد، والمستولد ينفيها عن نفسه، ولا يحل للزوج غشيانها؛ لأن إباحة الغشيان باعتبار ملك المتعة، وملك المتعة لا بد له من سبب، ولم يثبت سبب ملك المتعة عليها؛ لأن الزوج يدعي الزوجية، والمولى يدعي الشراء، والزوج ينكر، وباب الحبل مبني على الاحتياط؛ فلهذا قال: لا يسعه أن يقر بها، وكذلك لا يحل للمولى غشيانها؛ لأن في زعمه أني بعتها، وتعذر على القاضي فسخ البيع فيها، لأنها صارت أم ولد، فلم تعد الجارية إلى ملكي، فلهذا لا يحل له وطؤها، قال: وعلى

الزوج المهر قضاء عن الثمن؛ لأنهما اتفقا على مقدار المهر، فللمستولد أن يقول: لك علي ألف درهم مهراً، والمولى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015