غيره بسبب لا يثنى ولا يكرر، وإذا ثبت زيادة استحقاق ههنا بسبب زيادة التاريخ وجب اعتبار التاريخ كما في دعوى التملك في الثالث فيقضى بالأمة للذي الأكبر في يديه، وإن كان خارجاً في حقها لهذا.

نوع آخر في الرجل يقر لصبي في يديه أنه ابن فلان ثم يدعيه لنفسه

قال محمد رحمه الله: وإذا كانت الأمة في يدي رجل ولدت غلاماً، فأقر المولى الذي له الأمة هذا الغلام من زوج حر أو عبد زوجها إياه ثم ادعاها بعد ذلك لنفسه، فهذا لا يخلو من وجوه؛ إما أن يصدقه المقر له في ذلك أو لم يصدقه ولم يكذبه بل سكت، أو كان غائباً أو ميتاً، وفي هذه الوجوه لا تصح دعوى المولى، أما إذا صدقه المقر له فلأن نسب الغلام قد ثبت من المقر له بتصادقهما، وصار الغلام معروف النسب من غيره، وفي مثل هذا لا يثبت النسب منه بالإجماع، ولا يعتق الغلام عليه بإقراره، وأما إذا لم يصدقه المقر له ولم يكذبه، لأن الإقرار قد وقع صحيحاً؛ ولم يتصل به تكذيب المقر له حتى يبطل، فبقي على الصحة كما كان، فلا تصح دعوى المولى بعد ذلك، قال أبو يوسف ومحمد رحمهم الله: يصح. فوجه قولهما: أن إقرار المولى قد بطل بتكذيب المقر له، وبقي الولد محتاجاً إلى النسب، فإنما ادعاه المولى حال حاجته إلى ذلك، وليس فيه إبطال حق على الغير.

ولأبي حنيفة رحمه الله: أنه يجب لإقرار المولى شيئان: ثبوت النسب من المقر له، وخروجه من دعوى هذا النسب أصلاً، وتكذيب المقر له بطل ما هو من حقه. فأما ما لا حق له فيه لا يبطل الإقرار فيه بتكذيبه، ولا حق للمقر له في خروج المقر من دعوى هذا النسب، فلا يبطل الإقرار في حق هذا الحكم ولو لم يقر بذلك، ولكن جاء أجنبي وأقر أن هذا الولد ابن المولى، وجحد المولى ذلك، ثم إن للرجل الأجنبي الشاهد على المولى بذلك اشترى هذا الولد أو ورثه فادعاه بعد ذلك أنه ابنه يعتق عليه بإقراره، وهل يثبت نسبه منه؟ فهو على الاختلاف الذي قلنا، لأن الشاهد ادعاه بعدما كذبه المشهود له.

وكذلك إذا شهد رجلان على صبي من امرأة حرة أنه ابنها، وابن هذا الرجل، وأن هذا الرجل زوجها، وادعت المرأة ذلك وجحد الزوج، فسأل القاضي عن الشهود فلم يعدلوا فرد شهادتهم، ثم إن أحد الشاهدين ادعى نسب الولد وصدقته المرأة لا تصح دعوته عند أبي حنيفة خلافاً لهما؛ لأن الشاهد ادعاه بعدما كذبه المشهود له.

إذا شهدت امرأة على صبي أنه ابن هذه المرأة؛ والمرأة ادعته فلم تقبل شهادتهما بسبب من الأسباب، ثم إن الشاهدة ادعت نسب هذا الولد، وأقامت البينة على ذلك لا تقبل بينتها، ولا يقضى لها بالولد لأن البينة إنما تسمع بعد صحة الدعوى، والدعوى من الشاهدة في هذه الصورة لا تصح بالإجماع؛ لأن المشهود له صدقها، وحال تصديق المشهود له لا تصح الدعوى من الشاهدة بالإجماع. ولو كبر الصبي وادعى أنه ابن الشاهدة والشاهدة منكرة، فأقام على ذلك بينة قبلت بينته؛ لأن الدعوى من الصبي قد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015