على فراش أبيه في ملكه وأبوه ميت، وأقام ذو اليد بينة أن هذه أمته ولدت هذا الولد على فراشه في ملكه، قضيت بالولد للميت الذي ليست في يديه؛ لأنهما استويا في إثبات النسب بفراش ملك اليمين، وترجحت بينة الميت بإثبات حقيقة العتق للجارية في الحال.
والقسم الثاني في دعوى الخارجين نسب الولد: قال محمد رحمه الله: صبي في يدي رجل جاء رجلان وادعى كل واحد منهما أنه ابنه وأقاما على ذلك بينة، قضي بنسبه منهما، وإن وقت إحدى البينتين وقتاً قبل الآخر، ينظران إلى سن الصبي، فإن كان موافقاً لأحد الوقتين مخالفاً للوقت الآخر يقضى للذي كان في وقته موافقاً لسن الصبي، وإن كان مخالفاً لأحد الوقتين يتعين، مشكلاً للوقت الآخر يقضى للكل؛ لأنه لم يتيقن بكذبه وتيقن بكذب الآخر.
وإن كان مشكلاً للوقتين نحو أن شهد أحد الفريقين أنه ابن تسع سنين، وشهد الفريق الآخر أنه ابن عشر سنين، وهو يصلح ابن تسع سنين وابن عشر سنين، فعلى قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله: يسقط اعتبار التاريخ؛ ويقضى بينهما باتفاق الروايات. وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله: ذكر شيخ الإسلام في «شرحه» أنه يقضى بينهما في رواية أبي حفص ولا يعتبر التاريخ، وعلى رواية أبي سليمان: يقضى بأسبقهما تاريخاً؛ فعلى هذه الرواية اعتبر التاريخ، وذكر شمس الأئمة الحلواني في «شرحه» ؛ وأما على قول أبي حنيفة رحمه الله ذكر في عامة الروايات أنه يقضي بينهما؛ وذكر في بعض الروايات أنه يقضي لأسبقهما تاريخاً.
قال رحمه الله: والصحيح ما ذكر في عامة الروايات واتفقت الروايات عن أبي حنيفة أنه لا عبرة للتاريخ في باب النتاج، حتى أن الرجلين إذا ادعيا نتاج دابة في يد آخر وأقاما البينة وأرخا، وكان سن الدابة مشكلاً يقضي بينهما، وإذاً على ما ذكر في رواية أبي حفص كما ذكره شيخ الإسلام، وعلى عامة الروايات كما ذكره شمس الأئمة: لا فرق بين دعوى النتاج والنسب، والتاريخ ساقط الاعتبار عند أبي حنيفة فيهما؛ كما هو مذهبهما على ما ذكر في رواية أبي سليمان كما ذكره شيخ الإسلام.
وعلى بعض الروايات كما ذكره شمس الأئمة فرق أبو حنيفة رحمه الله بين النتاج وبين النسب؛ فاعتبر التاريخ في النسب، وأسقط التاريخ في النتاج؛ وهما سواء بين النسب والنتاج، وأسقط التاريخ فيهما، والقياس معهما؛ لأن النسب بمعنى النتاج من حيث إنه يثبت ابتداءً للوالد على الولد لا من جهة أحد بسبب لا يثنى ولا يكرر، فسقوط اعتبار التاريخ في النتاج يكون سقوطاً في النسب؛ وأبو حنيفة يقول: إنما سقط اعتبار التاريخ في النتاج؛ لأن بزيادة التاريخ لا يثبت لصاحب الزيادة زيادة استحقاق؛ لأن النسب يوجب حقوقاً فيما بين الوالد وولده، فأسبقهما تاريخاً بزيادة التاريخ تثبت زيادة استحقاق؛ فكان بينته أولى، ألا ترى أن في دعوى الشراء من ثالث اعتبرنا سبق التاريخ وطريقه ما قلنا.
صبي في يدي رجل يدعي نسبه خارجان أحدهما مسلم والآخر ذمي، وأقام كل