الأول، والذي حضر يدعي الاستحقاق على صاحب اليد الأول، ولهذا يثبت الترجيح لبينة الذي حضر؛ لأن الذي يدعي الاستحقاق على صاحب اليد يثبت بطلان تصرف صاحب اليد، وبيعه من المدعي، فبينته تثبت زيادة على بينة المدعي.
ونظيره ما قالوا: في عبد في يدي رجل، جاء رجل وأقام بينة أنه عبده ورثه من أبيه كانت بينة مدعي الشراء أولى؛ لأنه يدعي الاستحقاق على العبد، وهذا يدعي الاستحقاق من جهة الأب كذا هنا.
قال: فإن كان مدعي الشراء أقام شاهداً واحداً على الشراء من ذي اليد فأقر صاحب اليد أن العبد الغائب أودعنيه، وقبل أن يقيم شاهداً آخر حضر فلان وصدق صاحب اليد فيما أقر، وأمر بتسليم العبد إلى الذي حضر على ما مر، ثم إن المدعي أقام شاهداً آخر على الشراء قضى بالعبد له، ولا يكلف إعادة الشاهد الأول على الذي حضر، لأن إقامة الشاهد الأول على ذي اليد صح من حيث الظاهر، واستحق المدعي القضاء بشهادته عند انضمام شاهد آخر إليه، فلا يبطل هذا الاستحقاق بإقرار ذي اليد للمقر له ويكون المقضي عليه صاحب اليد لا الذي حضر؛ لأن الشاهد الثاني منضم إلى الشاهد الأول، أما الشاهد الأول غير منضم إلى الشاهد الثاني.
بيانه: أن الشاهد الأول قام على من هو خصم من حيث الظاهر؛ وهو صاحب اليد، والشاهد الثاني قام على الذي حضر وأمكن أن يجعل الذي حضر مانعاً لصاحب اليد؛ لأن صاحب اليد وصي بتفويض الخصومة إليه فيمكن القضاء حينئذٍ، فضممنا الشاهد الثاني إلى الشاهد الأول.
وجعلنا الشاهد القائم على الذي حضر كالقائم على صاحب اليد، وجعلنا الذي حضر كالوكيل عن صاحب اليد، أما لو ضممنا الشاهد إلى الشاهد الثاني لا يمكن القضاء؛ لأن الذي حضر لم يرض بخصومة صاحب اليد، فلم يكن أن يجعل صاحب اليد بيعاً للذي حضر، فلهذا ضممنا الشاهد الثاني إلى الشاهد الأول، وإذا جعلنا كذلك صار كأن المدعي أقام الشاهدين على صاحب اليد، وهناك المقضي عليه صاحب اليد الذي حضر كذا هاهنا.
وما يقول محمد في «الكتاب» : إنه يقضى بشهادة الشاهدين على رب العبد أراد به القضاء في حق الأخذ، والانتزاع من يديه لا في حق الملك بدليل أنه ذكر بعد هذا أن الذي حضر (214ب4) وهو المقر له لو أقام البينة أن العبد عبده؛ قبلت بينته، ولو صار مقضياً عليه لما قبلت بينته، ولو أن مدعي الشراء لم يقم على صاحب اليد على الشراء لا شاهدين ولا شاهداً واحداً حتى أقر صاحب اليد أن هذا عبد فلان أودعنيه، ثم حضر المقر له وصدق صاحب اليد فيما قال، ودفع العبد إليه، ثم أقام المدعي شهوداً على المقر له أن هذا العبد كان لصاحب اليد، وإني اشتريته منه، وقضى القاضي بذلك لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في «الكتاب» .
قيل: وينبغي أن يكون المقضي عليه في هذه الصورة المقر له؛ لأن إقرار صاحب اليد قبل إقامة المدعي البينة أصلاً صحيح في حق المدعي؛ إذ ليس فيه إضرار بالمدعي،