لأن الثاني ادعى جميع ما في يد الأول لنفسه، إن ادعى الرجوع، ونصفها إن لم يدعِ الرجوع، وذو اليد يدعي كونها لنفسه، وفي مثل هذا ينتصب خصماً.

كرجل ادعى أنه كان اشترى هذه الجارية أو نصفها من الميت قبل موته انتصب الموصى له خصماً كذا هاهنا، ثم إذا انتصب خصماً فإن ذكروا رجوعاً قضى القاضي بكل الجارية للثاني، وإن لم يذكروا رجوعاً قضى بنصفها للثاني للمزاحمة والمساواة، ويكون هذا قضاءً على الوارث غاب أو حضر، حتى أن الموصى له الأول إذا بطل حقه كان كل الجارية للثاني، لأن الوارث إنما تلقى الملك في الميراث من جهة الميت، وقد صار الميت مقضياً عليه بهذه البينة، فكل من تلقى الملك من جهته يصير مقضياً عليه أيضاً، فإن دفع القاضي الجارية إلى الأول، ثم غاب الموصى له وحضر الوارث لم ينتصب الوارث خصماً للموصى له الآخر خاصمه إلى القاضي الأول، أو إلى غيره لأن المدعي الجارية، والجارية ليست في يد الوارث لا حقيقة (207أ4) ولا حكماً، والوارث إنما يصلح خصماً فيما يصلح المورث حال حياته، والمورث لا يصلح خصماً في حال حياته فيما زال عن ملكه ويده، فكذا الوارث.

بخلاف ما إذا كان الثاني يدعي وصية بالثلث، وأحضر الوارث حيث يصير خصماً، لأن هناك المدعي يدعي لنفسه شركة فيما في يد الوارث على ما مرَّ، فينتصب الوارث خصماً في إثبات سببه عليه، أما هاهنا فبخلافه.

وإن كان القاضي قضى للأول بالجارية، فلم يدفعها إليه حتى خاصم الثاني الوارث، فإن خاصمه فيها إلى القاضي الأول لم يجعله خصماً؛ لأن القاضي عرف كونها لغيره، وعرف الوارث أميناً فيها، ويد الأمين لا تكون يد خصومة، وإن خاصمه إلى قاضٍ آخر جعله خصماً؛ لأن القاضي الثاني لم يعرف كونها لغيره وكون الوارث أميناً، بل عرف كونها في يده من التركة فلا يصدقه في أنها لفلان، وأنه أمين فيها إلا ببينة يقيمها على ذلك، وإذا لم يصدقه قضي عليه وصار الموصى له الأول مقضياً عليه؛ لأن الموصى له الأول مدعي تلقي الملك من جهة الميت، والميت صار مقضياً عليه بهذه البينة، فصار من يدعي تلقي الملك من جهة الميت مقضياً عليه أيضاً.

بخلاف ما إذا ادعى رجل عيناً في يدي رجل ملكاً مطلقاً، وصاحب اليد ادعى أنه مودع فلان، ولم يقم البينة على ذلك، وقضى القاضي على صاحب اليد للمدعي، لا يكون ذلك قضاء على الذي ادعى صاحب اليد أنه أمينه؛ لأن هناك صاحب اليد لا يدعي التلقي من جهة المقضي عليه، وهو صاحب اليد فاقتصر القاضي على صاحب اليد أما هاهنا فبخلافه.

ثم القاضي إذا سمع بينة الثاني على الوارث بهذا الفصل، وهو إذا خاصمه الثاني عند قاضٍ آخر قضى للثاني بنصف الجارية سواء شهد شهوده على الرجوع عن الأول، أو لم يشهدوا على الرجوع، وهذا لا يشكل فيما إذا شهدوا على الرجوع.

والوجه في ذلك: أن الموصى له الثاني أثبت الوصية لنفسه في العين وهو استحقاق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015