إحدى الموضعين، ولم يجعله إقراراً بالملك في الموضع الآخر، ثم على رواية كتاب الدعوى إذا لم يكن إقراراً وقد كان قال صاحب اليد: هو ليس بملكي ولست بمعترض، لهذا فالقاضي لا يكتفي بهذا الجواب من المدعى عليه، بل يسأله: أهو ملك المدعي؟ وإن قال: نعم هو ملكه أمره بالتسليم إليه، وإن قال ليس بملكه وليس في يده والمدعي يثبت يده بالبينة.

إذا قال الوارث: هذه الدار لم تكن لأبي، وإنها كانت وديعة في يده لفلان سمى رجلاً معروفاً ثم أقام البينة أن الدار كانت في يد ابنه أخذها الذي في يديه بعد موته، أو أقام بينة أنه أخذها منه في حياته ردت الدار إلى الابن إن كان موضعاً لها حتى يقدم المستودع، وإن لم يكن موضعاً لها جعلت في يدي عدل.

هذا إذا أقر رجل معروف، وإن لم يكن أقر معروف، ولكن قال: لم تكن هذه الدار لأبي ثم قال بعد ذلك: كذبت في قولي إنها لم تكن لأبي؛ بل كانت لأبي مات وتركها ميراثاً لي دفعت إليه الدار بعدما هو ميت فلم يحضر أحد يطلبها، كمن في يده دار أو ثوب قال: ليس هذا لي، فالقاضي لا يأخذ ذلك منه حتى يحضر أحد فيدعيها، وإذا قال: لا حق لي قبل فلان ثم ادعى عيناً في يديه لا يسمع دعواه، ولو أقر له فلان بعين في يده صح إقراره في الباب الثاني من صلح شيخ الإسلام.

وفي «نوادر هشام» قال: سألت محمداً عن رجل، قال: لا حق لي في هذه الدار ولا خصومة ولا طلبة، ثم جاء يزعم أو وكيل فلان في دعوى هذه الدار قبل ذلك منه، إذا قال المدعى عليه وقت القضاء: العين المدعى ليس ملكي ولا هو في يدي، وقد كان قال وقت الدعوى: هو ملكي وحقي، لا يسمع منه الكلام لمكان التناقض.

رجل ادعى على رجل مالاً معلوماً وأقام عليه البينة أنه استوفى من هذا المال كذا وكذا درهماً، هل تبطل بذلك دعوى المدعي وبينته؟ قالوا: المسألة على وجهين؛ إن كان الإقرار بلفظ يدل على استيفائه هذا القدر قبل هذه الدعوى والبينة بأن قال: باقيه بودم ازيين مال أو بدي أزاين مال أو يدي لا يبطل دعواه ولا بينته؛ لأنه يمكنه أن يقول: استوفيت هذا القدر من المال بعدما ادعيته وأثبته بالبينة.

رجل ادعى على رجل أربعمائة درهم (203ب4) وأنكر المدعى عليه ذلك، فإن أقام المدعي بينة على دعواه وقضى القاضي له بالأربعمائة، ثم إن المدعي أقر أن للمدعى عليه مائة درهم، قال أبو القاسم الصفار رحمه الله: تبطل عن المدعى عليه الثلاثمائة الباقية وبه أفتى عبد الكريم؛ لأن بقدر المائة تقع المقاصة بين ما للمدعي على المدعى عليه، وبين ما للمدعى عليه على المدعي، ويسقط ذلك القدر عن المدعى عليه، فيصير المدعي مكذباً لشهوده، فإنهم شهدوا له بأربعمائة وله عليه ثلاثمائة.

وأفتى أبو أحمد عيسى بن النصر وغيره من أصحابنا؛ أنه لا يبطل عن الثلاثمائة الباقية، لأن بوقوع المقاصة لا يسقط الدين كما لا يسقط بالقضاء، إنما يسقط المطالبة لا غير؛ ألا ترى أن بعد القضاء والمقاصة لو أبرأ رب الدين المديون عن الدين يصح، فلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015