المال، بل هي مجرد دعوى النسب غير مانع صحة الدعوى.

إذا ادعى المديون القضاء وأنكر رب الدين ذلك وحلف، ثم إن المديون صالح رب الدين عن ذلك على شيء، ثم أقام البينة أنه كان قد قضاه الدين، هل تسمع بينته؟ اختلف المشايخ فيه، وذكر في كتاب الصلح مسألة تدل على القبول.

وصورتها: رجل استعار من آخر دابة، وهلكت الدابة تحت المستعير، وأنكر رب الدابة الإعارة، وصالحه المستعير على مال جاز، فأقام المستعير بعد ذلك بينة على العارية وقال: إنها بيعت، قبلت بينته، ولو أراد استحلاف المعير فله ذلك.

وعندي أن الجواب في مسألة الدين على التفصيل: إن صالحه عن الدين لا تقبل منه دعوى القضاء لمكان التناقض؛ لأن الصلح عن الدين إقرار بقيام الدين وقت الصلح، وإنه يناقض دعوى القضاء قبل ذلك، وإن صالحه عن دعوى الدين يقبل به دعوى القضاء؛ لأنه لا تناقض هاهنا.

وفي «المنتقى» : رجل له على رجل ألف درهم، فقال المدعى عليه: ما كان لك عليَّ ألف درهم قط، وقد ادعيت هذه الألف أمس فدفعتها إليك، فقال المدعي: ما قبضت منك شيئاً، وإن لي عليك ألف درهم، فصالحه من دعواه على خمسمائة درهم، ثم إن المدعى عليه جاء ببينة فشهدت أنهم رأوا المدعى عليه دفع إلى المدعي أمس ألف درهم؛ لم ألتفت إلى هذه الشهادة؛ لأن هذا إنما افتدى يمينه بها.

ولو أن المدعى عليه قال للمدعي: صدقت، قد كان لك عليَّ ألف درهم، لكني قد قضيتكها أمس، وقال المدعي: ما قضيتني شيئاً، فدفع الألف عليه أو صالحه على خمسمائة، ثم شهد الشهود للمدعى عليه أنه دفع إليه الألف بالأمس كان له أن يرجع عليه ما أعطاه والصلح باطل.

وفي دعوى «المنتقى» : رجل ادعى داراً في يدي رجل وهو يجحد، فقال المدعي للقاضي: هذه داري وشهودي عليها غيَّب، فاسأله أن يبيعها مني، فسأله القاضي فأبى أن يبيعه فالمدعي على دعواه، هكذا حكاه عن محمد رحمه الله، فلم يجعل طلب المدعي من القاضي سؤال البيع من المدعى عليه متناقضاً في دعوى رقبة الدار بعد ذلك.

وأشار إلى المعنى فقال: لأنه فسر ذلك وقاسها على مسألة ذكرت في شفعة «المنتقى» .

صورتها: رجل باع داراً في جوار رجل هو شفيعه، والشفيع يزعم أن الدار المبيعة له، فقال الشفيع للقاضي: هذه داري وأنا أدعي رقبتها، لا تبطل شفعته بدعواه الرقبة إلا أن في مسألة الشفعة في «المنتقى» ذكرت في موضعين في باب واحد، في أول الباب ذكرت على نحو ما ذكرنا، وفي آخر الباب ذكرت أن بدعوى الرقبة تبطل شفعته، فعلى قياس ما ذكر في آخر الباب ينبغي أن يبطل دعواه في الرقبة في المسألة سؤال البيع.

وفي دعوى «المنتقى» : عن أبي يوسف في الشفيع: إذا ادعى الدار المشتراة له وأن بينته غيب، أو قال: لا بينة لي، ويمكن أخذه بالشفعة، قال: طلب الشفعة إقرار بأنها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015