المطلق على ذي اليد يحتمل دعوى ملك حادث من جهة ذي اليد فأمكن أن يجعل كلامه الثاني بياناً لكلامه الأول، وبالبيان يتقدر الكلام ولا يتناقض.

وإذا قال عند غير هذا القاضي: هذا العين ملكي بسبب الشراء من فلان، أو قال: بسبب الإرث من فلان، ثم ادعى ذلك العين عند قاضٍ من القضاة ملكاً مطلقاً، فالقاضي لا يسمع دعواه إذا ثبت عنده أنه قد قال قبل هذا: إن هذا العين ملكي بسبب كذا، وهذا إذا كان ادعى الشراء من رجل معلوم بأن ذكر اسم ذلك الرجل، واسم أبيه، واسم جده، أو ما أشبه ذلك من الأسباب التي يقع بها التعريف، فأما إذا كان ادعى الشراء من رجل مجهول بأن قال: اشتريته من محمد، ولم يزد عليه، ثم ادعاه بعد ذلك عند القاضي ملكاً مطلقاً، فالقاضي يسمع دعواه، وإن ثبت عند القاضي أنه قد قال قبل هذا: إن العين ملكي بسبب كذا.

والفرق: أنه إذا ادعى الشراء من غيره فقد أقر بالملك لذلك الغير؛ لأن كل مشترٍ مقر لبائعه فيما اشترى منه، وقد صح هذا الإقرار منه إذا كان البائع معلوماً؛ لأنه إقرار بالمعلوم للمعلوم، فيثبت به الملك لفلان بإقراره، وبعدما ثبت الملك لفلان؛ لا يمكنه إثباته لنفسه إلا بسبب يوجب الانتقال، ودعوى الملك المطلق بعد ذلك لا يتعرض بسبب الانتقال، فلا يثبت به الانتقال، وهو المحتاج إليه، وفيما إذا كان البائع مجهولاً لم يصح منه الإقرار؛ لأن الإقرار للمجهول لا يصح، فصار كأنه لم يدَّع الشراء أصلاً، وهناك يصح منه دعوى الملك المطلق فهاهنا كذلك.

وإذا ادعى داراً في يدي رجل ملكاً بسبب الشراء، أو أظهر أن الدار المدعى به يوم الدعوى لم تكن في يد المدعى عليه، بل كانت في يد غيره، ثم هذا المدعي ادعى هذه الدار في مجلس آخر على صاحب اليد ملكاً مطلقاً، فقد قيل: تسمع دعواه؛ لأن الدعوى الأول وقع باطلاً فصار وجوده والعدم بمنزلة.

وقيل: لا يسمع دعواه وهو الأصح؛ لأن بدعواه الأول ادعى استحقاق الدار لنفسه ملكاً مطلقاً وهذا أمر عليه، فلأن لم تعتبر دعواه الأول في حق إثبات استحقاق الدار لنفسه، يعتبر في حق بطلان دعواه الملك المطلق لنفسه بعد ذلك.

يوضحه: أن دعواه الدار على غير صاحب اليد بسبب كذا، لا يكون أدنى حالاً من إقراره أن الدار له بسبب كذا عند غير صاحب اليد، وذلك يبطل دعواه الدارملكاً مطلقاً بعد ذلك فكذلك دعواه.

سئل القاضي الإمام شمس الإسلام محمود الأوزجندي عمن ادعى نصف دار معين في يدي رجل، ثم ادعاه بعد ذلك جميعها، قال: لا يسمع دعواه ولو كان على العكس يسمع، والصواب: أنه يسمع في الوجهين جميعاً، إلا إذا كان. قال: وقت دعوى النصف لا حق لي فيها سوى النصف فحينئذ لا يسمع دعواه جميعها ما كان التناقض وبدونه لا تناقض فيصح الدعوى.

وذكر في آخر بيوع «الزيادات» : رجل اشترى من رجل عبداً، ثم إن البائع ادعى أنه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015