الرواية التي لا يشترط التوفيق ويكتفى بإمكان التوفيق ينبغي أن لا يبطل دعواه، ويقبل ذلك منه من غير توفيق.

إذا ادعى رجل داراً في يدي رجل أنها داره ورثها من أخيه ثم ادعى أنه اشتراها من أخيه في حياته وصحته، وأقام على ذلك بينة لا تقبل بينته، وبمثله لو ادعى الشراء أولاً من أخيه في حياته وصحته ثم ادعى الإرث وأقام على ذلك بينة تقبل بينته؛ لأن في الفصل الأول التوفيق بين الكلامين غير ممكن فيثبت التناقض، وفي الفصل الثاني التوفيق بين الكلامين ممكن، فلا يثبت التناقض.

إذا قال المدعى عليه الدين: أين مبلغ مال كدعوى مسيكنى بتور سانيده، أم ثم قال: بفلان حوالة كرده بودم واورسانيده است، فقد قيل: لا تسمع هذه المقالة الثانية لمكان التناقض، وقيل: تسمع ولا تناقض؛ لأن إيفاء المحتال عليه إيفاء المحيل معنى.

ألا ترى من حلف ليعطين فلاناً حقه فأحاله على غيره وقبض من المحتال عليه بر الحالف في يمينه، وكذلك لو حلف لا يعطي فلاناً حقه فأحاله على غيره وقبضه المحتال له؛ حنث في يمينه، وجعل إعطاء المحتال عليه بأمر المحيل، إعطاء المحيل معنى.t

في «مجموع النوازل» سئل نجم الدين النسفي: عن رجل ادعى ديناً في تركة ميت؛ وصدقه الوارث في ذلك وضمن له إيفاء الدين، ثم ادعى هذا الوارث بعد ذلك أن الميت قد كان قضى المال في حياته، وأراد إثبات ذلك بالبينة؛ قال: لا تصح دعواه ولا تسمع بينته، وهذا ظاهر لأنه متناقض؛ لأنه أقر بوجوب المال أولاً، وبدعوى القضاء يدعى أنه غير واجب، وهذا تناقض ظاهر.

سئل هو أيضاً: عن رجل خلع امرأته؛ وقال في ذلك المجلس: مرا دراين خانه سيح جيز نهبت، ثم ادعى عليه أشياء من الأقمشة التي هي في ذلك البيت؛ هل تصح دعواه؟ قال: إن كان قال: هذه الأقمشة كانت (202أ4) في البيت وقت الخلع لا تصح دعواه لمكان التناقض وهذا ظاهر، وإن قال: لم تكن هذه الأشياء في ذلك البيت وقت الخلع تصح دعوته، وعندي أن فيما إذا أنكر الزوج كون هذه الأشياء في البيت وقت الخلع يجب أن يكون الجواب على التفصيل إن كانت دعوى الأقمشة بعد إقرار الزوج من ادراين خانه ينتج جيز نهبت، في مدة لا يمكن إدخال تلك الأشياء في البيت في تلك المدة؛ لا تصح دعواه، لأنا تيقنا بكون هذه الأشياء في البيت وقت الخلع إذا كانت الحالة هذه، وإن كان دعوى الأقمشة بعد إقراره ذلك في مدة يمكنه إدخال تلك الأشياء في البيت في تلك المدة تصح دعواه؛ لأنا لم نتيقن بكون هذه الأشياء في البيت وقت الخلع؛ إذا كانت الحالة.

هذه وجنس هذه المسألة في شهادات «الجامع» من شرحي. ادعى على رجل مقداراً معلوماً من مال الشركة في يده، وأنكر المدعى عليه الشركة، والمال، ثم إن المدعي ادعى ذلك المال المقدر بجهة الدين، تسمع دعواه ثانياً ولا يصير متناقضاً؛ لأن مال الشركة يصير مضموناً على الشريك، ديناً في ذمته عند جحوده، فيمكن الجمع بين الدعوتين إذ يمكنه أن يقول: كان لي في يده هذا المقدار بجهة الشركة، وصار

طور بواسطة نورين ميديا © 2015