أسبقهما تاريخاً سابق من كل وجه والآخر لاحق من كل وجه، وعلى قول أبي يوسف الآخر، وهو قول محمد رحمه الله أولاً للتاريخ عبرة، وغير المؤرخ أسبقهما تاريخاً معنى؛ لأنه يدعي أولية الملك، فيقضى لغير المؤرخ، وعلى قول محمد آخراً وهو قول أبي يوسف أولاً لا عبرة للتاريخ فيسقط اعتبار التاريخ، ويقضى للخارج.
ومما يتصل بهذا النوع إذا ادعى الخارج مع ذي اليد مع دعوى الملك المطلق فعلاً.
صورته: ما ذكر في آخر دعوى «الأصل» : إذا ادعى الخارج أنه عبده، كاتبه على ألف درهم، وأقام على ذلك بينة، وأقام ذو اليد بينة، أنه عبده كاتبه على ألف درهم، قال: جعلته مكاتباً بينهما يؤدى إليهما جميعاً؛ لأن كل واحد منهما لما ادعى الكتابة، فقد تصادقا على أنه لا بد لواحد منهما عليه، وأنه في يد نفسه، فصارت مسألتنا عبد في يد ثالث تنازع فيه اثنان، وادعى كل واحد أنه عبده كاتبه، ولو كان هكذا يقضي بالملك بينهما، ويكون مكاتباً لهما كذا ههنا، ولو ادعى أحدهما أنه دبره وهو يملكه، وأقام على ذلك بينة وادعى الآخر أنه كاتب وهو يملكه، كانت بينة التدبير أولى؛ لأن التدبير أولى؛ لأن التدبير يوجب الحرية للحال، وإنه لا يحتمل الفسخ، والكتابة لا توجب الحرية للحال، وإنما تحتمل الفسخ، فكان التدبير أولى، فكان بينته أكثر إثباتاً.
ومما يتصل بهذا النوع أيضاَ: إذا ادعى الخارج الملك المطلق مؤرخاً، وادعى صاحب اليد الملك بسبب الشراء مؤرخاً.
صورته: دار في يدي رجل، ادعى رجل أنها داره ملكها منذ سنة، وأقام صاحب اليد بينة أنه اشتراها من فلان منذ سنتين وهو يملكها وقبضها منه، قضي بها للمدعي الخارج؛ لأن صاحب اليد خصم عن بائعه في إثبات الملك ليمكنه إثبات الانتقال إلى نفسه، فكأن بائعه حضر، وأقام البينة على الملك المطلق لنفسه والدار في يده، لأن يد المشتري يد البائع من حيث التقدير، ولو كان كذلك كان يقضي ببينة الخارج، كذا ههنا.
نوع آخر في دعوى الخارجين في الملك المطلق (177أ4) .
قال محمد رحمه الله: وإذا ادعى رجلان داراً أو عقاراً أو منقولاً في يدي رجل، فأقاما البينة على ما ادعيا، وأرخا وتاريخهما على السواء، أو لم يؤرخا يقضي بينهما لاستوائهما في الدعوى والحجة، وإن أرخا وتاريخ أحدهما أسبق، فعلى قول أبي حنيفة وهو قول أبي يوسف آخراً وقول محمد أولاً يقضى لأسبقهما تاريخاً ويكون للتاريخ عبرة، وعلى قول أبي يوسف أولاً، وهو قول محمد أخراً يقضى بينهما ولا يكون للتاريخ عبرة، هكذا ذكر في «الأصل» .e
وذكر في «المنتقى» أنه يقضى لأسبقهما تاريخاً بلا خلاف، وإن أرخ أحدهما ولم يؤرخ الآخر لم يذكر محمد رحمه الله هذا الفصل في «الأصل» .
وفي «النوادر» عن أبي حنيفة يقضى بينهما؛ لأنه لا عبرة للتاريخ عند حالة الإنفراد في دعوى الملك المطلق في أصح الروايات، فيسقط اعتبار التاريخ، وتبقى الدعوى في الملك المطلق، وعلى قول أبي يوسف: يقضى للذي أرّخ، وعلى قول محمد رحمه الله: