رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنهما لا يضمنان للمرأة المتعة ولا يضمنان لها قيمة العبد، بخلاف ما لو شهدا أنه صالحها من المتعة عن عبد ولم يشهدا على قبض العبد، وقضى القاضي لها بالعبد، ثم رجعا عن شهادتهما، فإنهما يضمنان لها قيمة العبد.

والفرق: أن في المسألة الأولى القاضي لم يقض لها بالعبد؛ لأن القضاء لها بالعبد مع قبض العبد لا يفيد، وإذا لم يقض لها بالعبد ظهر أنهما بشهادتهما أتلفا على المرأة المتعة لا العبد، فلا يضمنان عند الرجوع.

أما في الفصل الثاني القاضي قضى لها بالعبد؛ لأن القضاء بالعبد لها ممكن؛ لأن حال ما يقضي لها بالعبد على الزوج لم تقم الشهادة على قبض العبد، فقضى لها بالعبد وصار حقها في العبد، فإذا رجعا فقد أتلفا عليها العبد، فضمنا لها قيمة العبد.

وفي «المنتقى» : شاهدان شهدا على رجل أنه أقر لهذا المدعي أمس بألف درهم وقضى القاضي عليه وقبضها منه، ثم رجعا عن شهادتهما، فلما أراد القاضي أن يضمنهما الألف، قالا: نجيئك ببينة أن هذا الذي قضيت عليه قد أقر لفلان المقضي له بهذه الألف منذ سنة، قال: لا أقبل ذلك منهما وأضمنهما الألف؛ لأن الذي يدعي الحق غيرهما.

ولو شهد شاهد على رجل أنه قد أعتق عبده منذ سنة وقد قضى، بعتق العبد ثم رجعا عن شهادتهما، فأراد القاضي أن يضمنهما قيمة العبد، فقال: نحن نجيء بشاهدين آخرين يشهدان أنه أقر بعتق عبده منذ عشر سنين، قال: قبل ذلك منهما استحساناً.

وفي «نوادر عيسى بن أبان» : رجل ادعى جارية في يد رجل وابنة لها ادعى أنهما جاريتاه، وأنكر الذي في يده أن تكون الجارية للمدعي، وأن تكون الصبية ابنة للجارية، فجاء المدعي بشاهدين شهدا أن الجارية للمدعي وجاء بشاهدين آخرين شهدا أن الصبية بنت الجارية، فإن القاضي يقضي بالجارية وابنتها للمدعي، فإن قضى بذلك ثم رجع اللذان شهدا أن الجارية للمدعي، فإن القاضي يضمنهم قيمة الأمة وقيمة ولدها؛ لأن القاضي إنما قضى بالولد بشهادتهم أن الجارية جاريته؛ لأنه استحقاق من الأصل، فكل ما كان معها من مال أو ولد فهو تبع لها، فكأنهم شهدوا بالولد كما شهدوا بالجارية.

قال: أرأيت رجلاً في يديه عبد تاجر كثير المال مات العبد وترك مالاً كثيراً، فجاء رجل وادعى أن العبد عبده، ليأخذ ما تركه العبد، وأنكر الذي في يده العبد أن يكون العبد للمدعي، وأن يكون المال للعبد، فجاء المدعي بشاهدين شهدا أن العبد للمدعي أودعه الذي كان العبد في يديه، وجاء بشهود كثير شهدوا أن المال للعبد، وقضى القاضي للمدعي بالعبد والمال، ثم رجع الذين شهدوا أن العبد للمدعي، فإنهم يضمنون المال للذين كان العبد والمال في يده، وطريقة ما قلنا.

قال: ولو رجع الذين شهدوا بالجارية على ما وصفت لك وضمنهم القاضي قيمة الجارية وقيمة الولد ثم رجع الذين شهدوا أن الصبية ابنة الأمة، فالذين شهدوا بالأمة يرجعون على الذين شهدوا بالولد بقيمة الولد.

قال: وهو بمنزلة رجل ادعى على رجل أنه قطع يده أنه خطأ، ومات منها وجاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015