رجل مات وترك عبدين، قيمة كل واحد منهما ألف درهم وثلث ماله ألف درهم، شهد شاهدان أن الميت أوصى بهذا العبد لهذا الرجل وقضى القاضي به، ثم شهد آخران أن الميت رجع عن تلك الوصية وأوصى بهذا العبد الآخر لهذا الرجل الآخر وقضى القاضي به ثم رجع الفريقان جميعاً عن شهادتهما، فلا ضمان على الفريق الأول لا للورثة ولا للموصى له الآخر، أما للوارث فلأنهما، وإن أخرجا العبد الأول عن ملك الوارث، إلا أن القاضي لما قضى بالرجوع عن الوصية الأولى وأعاد العبد إلى الوارث فقد ارتفع ذلك الإخراج، وأما للموصى له الآخر؛ فلأن الفريق الأول ما شهدوا على الموصى له الآخر بشيء، والفريق الثاني يضمنون للموصى له الأول قيمة عبده؛ لإتلافهم العبد الأول عليهم بشهادتهم، ولا يضمنون للوارث شيئاً؛ لأنهم إن أخرجوا العبد الثاني عن ملك الوارث فقد أدخلوا العبد الأول في ملكه، بشهادتهم ولو كان العبدان يخرجان من الثلث، فلا ضمان على الفريق الأول لا للوارث ولا للموصى له الأول كما ذكرنا في الفصل الأول، وأما الفريق الثاني فيضمنون للموصى له الأول قيمة عبده لما ذكرنا في الفصل الأول ويضمنون أيضاً للورثة قيمة العبد الثاني، ولا يصير العبد الأول عوضاً عن العبد الثاني بخلاف ما سبق.

والفرق: أن العبدين إذا كانا يخرجان من الثلث، فالفريق الثاني وإن أدخلوا العبد الأول في ملك الوارث بمقابلة إخراج العبد الثاني عن ملكه، إلا أنهم كانوا يقدرون على إخراج العبد الثاني عن ملك الوارث من غير إدخال العبد الأول في ملكه إذا كان العبدان يخرجان عن الثلث، ألا ترى أنهما لو شهدا بالوصية الثانية ولم يشهدا بالرجوع عن الوصية الأولى، فإنه ينفذ الوصية الثانية في جميع العبد الثاني، وإن لم يدخل شيء من العبد الأول في ملك الوارث، وإذا قدرا على إخراج العبد الثاني من ملك الوارث من غير إدخال الأول في ملكه لم يكن إدخال الأول منوطاً بإخراج الثاني، فلا يصلح عوضاً عن الثاني.

أما إذا كان العبدان لا يخرجان من الثلث والفريق الثاني لا يقدرون على إخراج العبد الثاني عن ملك الوارث إلا بإدخال العبد الأول في ملكه إذ الوصيتان لا تخرجان من الثلث، فصار الإدخال الأول منوطاً بإخراج الثاني، فصلح عوضاً عن الثاني.

ولو كان ثلث المال ألفاً وخمسمئة والمسألة بحالها فالفريق الثاني يضمنون للموصى له الأول قيمة العبد الأول لما مر، ويضمنون أيضاً للوارث نصف قيمة العبد الثاني، لأنهما أخرجا العبد الثاني عن ملك الوارث، أكثر ما فيه أنهما أدخلا العبد الأول في ملكه إلا أن النصف من العبد الأول لا يصلح عوضاً عن نصف العبد الثاني؛ لأنهم يقدرون على إخراج نصف العبد الثاني؛ عن ملك الوارث من غير إدخال شيء من العبد الأول في ملكه بخروج هذا القدر من الثلث، وإذا كان هكذا لم يكن إخراج أحد النصفين من العبد الثاني متعلقاً بإدخال نصف العبد الأول في ملكه، فلم يصر نصف العبد الأول عوضاً عن نصف العبد الثاني، فبقي إتلاف هذا النصف بغير عوض، فأما النصف الآخر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015