وإذا شهد رجلان على رجل بألف درهم، وشهد رجل وامرأتان عليه بتلك الألف وبمئة دينار وقضى القاضي بالكل ثم رجع الفريق الثاني عن الدراهم دون الدنانير، فلا ضمان عليهم؛ لأنه قد بقي على الدراهم من يتم الحجة بشهادته وهو الفريق الأول، ورجوع الفريق الثاني عن الدراهم لا يكون رجوعاً عن الدنانير، فلهذا قال: لا ضمان عليهم، فإن رجعوا جملة فضمان الدنانير على الفريق الثاني خاصة، وضمان الدراهم على الفريق الأول والثاني نصفان؛ لأن الدراهم تثبت بشهادة الفريقين جميعاً.
قال محمد رحمه الله في «الجامع» : أربعة شهدوا على رجل بأربعمئة درهم وقضى القاضي بها، ثم رجع واحد منهم عن مئة، وواحد منهم عن مئتين وواحد منهم عن ثلاثمئة وبقي شاهد واحد لم يرجع، فإن على الراجعين خمسون درهماً أثلاثاً، وهذا لأن العبرة في هذا الباب لبقاء من بقي من الشهود لا لرجوع من رجع، والشهادة قد بقيت بمقدار ثلاثمئة وخمسين؛ لأن الراجع عن مئة منها بقي شاهداً بثلاثمئة، والذي لم يرجع بقي شاهداً بأربعمئة، فيبقى على ثلاثمئة شهادة شاهدين، فلا يجب ضمانهما على أحد، وأما المئة الزائدة فعليها شاهد واحد، وهو الذي لم يرجع أصلاً، فيبقى ببقائه نصفها، وذلك خمسون فعرفت أن التالف بمقدار خمسين، فيجب على الراجعين هذا القدر، ويجب عليهم ذلك أثلاثاً؛ لاستوائهم في إيجابه، ولو رجع الرابع أيضاً عن الأربعمئة، فإن عليهم ضمان مئة وخمسين؛ لأن الشهادة قد بقيت بمقدار مئة وخمسين؛ لأن الراجع عن مئة بقي شاهداً بثلاثمئة، والراجع عن مئتين بقي شاهداً بمئتين، فبقي على المئتين ههنا شاهد واحد وهو الراجع عن المئة، فبقي ببقائه نصفه وذلك خمسون، فعرفت أن التالف بمقدار مئة وخمسين، فيجب على الراجعين ضمان ذلك، غير أن ضمان المئة يجب عليهم أرباعاً لاستوائهم في إيجابها (169أ4) والرجوع عنها وأما ضمان الخمسين، فلا يجب شيء منه على الراجع عن المئة؛ لأنه لم يرجع عن المئة التي هي الخمسون نصفها، بل بقي هو على الشهادة فيها، ولأجله بقي نصفها، ولكن يجب على الراجعين الباقين أثلاثاً؛ لاستوائهم في إيجابها والرجوع عنها.
قال في «الأصل» : وإذا شهد أربعة على رجل بحق، شهد اثنان عليه بخمسمئة، وشهد اثنان بألف وقضى القاضي بشهادتهم، ثم رجع أحد شاهدي الألف، فإن عليه ربع الألف؛ لأن نصف الألف، وذلك خمسمئة تفرد بها شاهدا الألف، وقد بقي على ذلك صاحبه، وبه يقوم نصف الحق، فكان التالف بشهادة هذا الراجع عن الخمسمئة التي تفرد بإيجابها نصفها وهو الربع الألف، وإن رجع معه شاهد الخمسمئة فعليه ربع الألف خاصة لما بينا، وعليه وعلى شاهدي الخمسمئة ربع الألف أثلاثاً؛ لأن الشهود على الخمسمئة أربعة وقد بقي من يقوم به نصفها، وهو أحد شاهدي الألف، فكان التالف برجوع هؤلاء من الخمسمئة نصفها، فيجب ضمان ذلك عليهم أثلاثاً، وإن رجع أحد شاهدي الخمسمئة وحده أو رجعا، فلا ضمان عليهما؛ لأنه قد بقي على هذه الخمسمئة شاهدا الألف، وإن رجعوا جملة فعلى شاهدي الألف ضمان الخمسمئة التي تفرد