أيضاً، أما على الرواية التي قال (168أ4) بنفاذ القضاء في الهبة باطناً فالرجوع بحكم الهبة عند عدم وصول العوض إليه، وأما على الرواية التي قال بعدم نفاذ القضاء في الهبة باطناً له أن يرجع فيها من غير قضاء ولا قضاء لأن الهبة بقيت على ملكه في الباطن، ولو لم يضمن المولى الشاهدين حتى يرجع في الهبة، فليس له أن يضمنها بعد ذلك؛ لأن العين وصل إلى المالك، ووصول العين إلى المالك يوجب براءة الضامن عن الضمان وصل العين إلى المالك من جهة الضامن أو من جهة غيره كما في الغصب.
وإن هلك العين في يد الموهوب له فليس للواهب أن يرجع في قيمة العبد، وهذا على الرواية التي قال بنفاذ القضاء في الهبة ظاهراً وباطناً، أما على الرواية التي قال بعدم النفاذ باطناً، فله أخذ القيمة في الباطن متى ظفر بحبس حقه من ماله؛ لأن الهبة نفذت على ملكه في الباطن، وصار الموهوب له ضامناً لما قبضها بغير إذن الواهب.
وإن كان العبد قائماً في يد الموهوب له وضمن الشاهدان القيمة للواهب وأراد الشاهدان أن يأخذا العبد، فليس لهما ذلك، وهذا على الرواية التي قال بنفاذ القضاء بالهبة ظاهراً وباطناً، وهما لأنهما لو أخذا العبد أخذاه بعد أنهما ملكاه من جهة الواهب بالضمان، ولا وجه إليه؛ لأن العبد على هذه الرواية صار ملكاً من جهة الواهب بالضمان ولا وجه إليه؛ لأن العبد على هذه الرواية صار ملكاً للموهوب له ظاهراً وباطناً، ولم يبق محلاً للتملك على الواهب، وعلى الرواية التي قال بعدم نفاذ القضاء باطناً يصير العبد ملكاً للشاهدين بأداء الضمان من جهة الواهب في الباطن، فيحل له أن يأخذه وينتفع به، وكل جواب عرفته في الهبة فهو الجواب في الصدقة إلا في فصل وهو الرجوع، فإنه لا رجوع في الصدقة بخلاف الهبة على نحو ما ذكرنا.
وإذا كان لرجل على رجل ألف درهم دين وهو مقر، فادعى رب الدين على المديون أنه رهنه عبداً له وقبضه منه والمديون يجحد ذلك وقضى القاضي بالرهن بشهادتهما ثم رجعا عن شهادتهما، فهذه المسألة على وجهين:
الأول: أن يرجعا بعد موت العبد، وفي هذا الوجه إن لم يكن في قيمة العبد فضل على الدَّين، فلا ضمان عليهما، وإن كان في قيمة العبد فضل على الدين ضمنا الفضل للراهن؛ لأن في الوجه الأول أزالا يده عن العبد بعد.....، وفي الوجه الثاني أزالا يده عن الفضل على الدين من غير رضاه ومن غير عوض.
الوجه الثاني: أن يرجعا في حال حياة العبد، وفي هذا الوجه لا ضمان عليهما وإن كان في قيمة العبد فضل على الدين، وكان ينبغي أن يضمنا الفضل؛ لأنهما أزالا يده عن الفضل بغير عوض، كما لو رجعا بعد موت العبد.
والجواب وهو الفرق بين الفصلين: أن زوال يد المرتهن عن الفضل حال حياة العبد، حصل تبعاً لزوال يده عن المضمون؛ لأن الفضل لا يمتاز عن المضمون في