الرجوع، فأما إذا كانوا ثابتين على الرجوع فلا شيء لهم، وإذا كان تأويل المسألة هذا، فتقريبه أن كل فريق وإن ردوا إقرار الابن الذي شهدوا له، إلا أن الابن مصر على إقراره، فهب أن ذلك الإقرار بطل بالتكذيب، فالإقرار القائم بعد رجوع الشهود عن الرجوع لم يبطل لانعدام التكذيب فيلتحق التصديق به.
ومشايخ عراق قالوا: لا بل يرجع كل فريق من الشهود في نصيب الابن الذي شهدوا له بما قلنا سواء رجعوا عن الرجوع أو داموا على الرجوع، وإطلاق محمد في «الكتاب» يدل عليه.
ووجه ذلك: أن كل فريق من الشهود لم يكذب الابن المشهد له فيما أقر؛ لأن رجوعهم محتمل يحتمل أن يكون باعتبار أن الأب لم يدع بسبب هذا الولد أصلاً، وعلى هذا التقدير يكون تكذيباً له فيما أقر، ويحتمل أن يكون باعتبار أنهم لم يعلموا دعوة الأب بسبب الولد المشهود له، والابن المشهود له علم بذلك، وعلى هذا التقدير لا يكون تكذيباً له، ولا يبطل الإقرار بالشك ولا يرجع كل فريق من الشهود على الابن المشهود له بما غرم لأخيه من نصف قيمة أمه بعد النقصان، لأن في زعمه أن أخاه ذلك أخذ بغير حق، وأن ذلك دين على أخيه، أما إذا كان تصديق كل واحد منهما صاحبه فالشهود لا يضمنون شيئاً للابنين، ويأخذ كل فريق من الشهود ما ضمن للميت من قيمة الولد المشهود له، ومن نقصان أمه مما ورثا عن أبيهما؛ لأنهما أقرا أن جميع ذلك دين لهما على أبيهما، والدين مقدم على الميراث، وفيما إذا جحد كل واحد منهما صاحبه؛ فكل فريق من الشهود يأخذ ما ضمن للميت من نصيب الابن المشهود له خاصة، لأن هناك كل واحد من الابنين منكر أن يكون ما أخذه أبوه من شهود صاحبه ديناً في تركته، فلا يستوفي ذلك من نصيبه، أما ههنا بخلافه.
قال: ولا يضمن كل فريق من الشهود ما ورثه الابن الذي شهدوا له بنسب الابن الآخر؛ لأن الشهادة حصلت في حال حياة المولى، واستحقاق الإرث إذا كانت الشهادة في حالة الحياة يضاف إلى الموت لا إلى النسب، والموت لم يثبت فشهادتهما فلم يكن التلف حاصلاً بشهادتهما، فلا يضمنان شيئاً، هذا الذي ذكرنا إذا كانت الشهادة والرجوع حال حياة المولى، وإن كانت الشهادة حال حياة المولى من الفريقين والرجوع بعد وفاته ضمن كل فريق للابن الذي لم يشهدوا له نصف قيمة الابن الذي شهدوا له، ونصف قيمة أمه فيه، أما نصف قيمة الابن؛ لأن في زعم كل فريق من الشهود عند الرجوع أنهم بشهادتهم أتلفوا مال الولد المشهود له، وصار ذلك ديناً عليهم للميت ميراثاً بين ورثته إلا أن الابن المشهود له أبرأهم عن نصيبه وهو النصف، بقي نصيب الابن الآخر وهو النصف؛ بخلاف الفصل الأول، فإن هناك يجب على كل فريق جميع قيمة الولد المشهود له، لأن هناك القيمة تجب للمولى، والمولى لم يصر ميراثاً لهم عن شيء من ذلك، وأما نصف قيمة الأم فلهذه العلة أيضاً.
وأما نصف قيمة الأم فيه، بخلاف الوجه الأول، فإن هناك كل فريق يضمن نصف