بالثمن للبائع، والفرق بينهما أنهما إذا شهدا بالبيع وإيفاء الثمن شهادة واحدة، فالمقضي به البيع دون الثمن لأنه لا يمكن للقاضي القضاء بإيجاب الثمن لأنه يقارن القضاء بالثمن ما يوجب سقوطه وهو القضاء بالإيفاء.
لهذا قلنا: لو شهد الشاهدان على رجل أنه باع عبده من هذا الرجل وقابله شهدا عل البيع والإقالة (163ب4) شهادة واحدة فالقاضي لا يقضي بالبيع لأنه قارن القضاء بالبيع ما يوجب انفساخه، وهو القضاء بالإقالة كذا ههنا، وإذا كان المقضي به في هذه الصورة المبيع دون الثمن، والشاهد عند الرجوع يضمن المقضي يضمن به قيمة المبيع لأن إزالة المبيع حصلت بغير عوض لما رجعا عن شهادتهما، فأما إذا شهدا بالبيع وإيفاء الثمن بشهادتين مختلفتين، والثمن مقضي به فلأن القضاء بالثمن ممكن لأنه لم يقارن القضاء بالثمن ما يوجب سقوطه لأن حال ما شهدا بالبيع لم يشهدا بالإيفاء؛ وإنما شهدا بالإيفاء بعد ذلك، وإذا صار مقضياً به فإذا رجعا عن شهادتهما ضمنا الثمن، ولم يضمنا قيمة المبيع، وإن صار المبيع مقضياً به في هذه الحالة مع الثمن لأن إزالة المبيع حصلت بعوض، فلا يضمنان قيمة المبيع، ويضمنان الثمن لأن الثمن مقضي به.
رجل في يديه عبد شهد شاهدان أنه وهبه لهذا الرجل وسلمه إليه، وشهد آخران أنه وهبه لهذا والقاضي لا يعرف التاريخ قضى بالعبد بينهما نصفان لاستوائهما في الدعوى والحجة، فإن رجع الشهود جميعاً عن شهادتهم ضمن كل فريق للواهب نصف قيمة العبد.
قال محمد رحمه الله: ولا يشبه هذا الوصية، يريد به أنه إذا شهد شاهدان أن الميت أوصى بهذا العبد لهذا الرجل، وشهد آخران أن الميت أوصى بهذا العبد لهذا الرجل الآخر، وزكيت البينتان وقضى القاضي بالعبد بينهما نصفين لاستوائهما في الدعوى والحجة، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإنهم لا يضمنون للورثة شيئاً، وههنا قال: كل فريق يضمن للواهب نصف قيمة العبد، والفرق أن في مسألة الوصية، القاضي قضى بجميع الوصيتين، فإن الوصية بعد الوصية صحيحة.
فإن من أوصى بعبده لرجل ثم أوصى به لرجل آخر صحت الوصيتان، حتى لو رد أحدهما كان العبد كله للآخر، ولما كان هكذا كان ما شهد به كل فريق مستحقاً على الوارث بشهادة الفريق الآخر، ورجوع كل لم يظهر في حق غيره، فصار في حق كل فريق كأن الفريق الآخر ثابت على الشهادة، أما في مسألة الهبة قضاء القاضي بشهادة الفريقين بهبة واحدة النصف لهذا والنصف لذلك، أما ما قضى بالهبتين؛ لأن الهبة بعد غير صحيحة، ولما كان هكذا صار الثابت بكل بينة النصف، ولهذا قلنا: لو كانت هذه الدعاوي في شيء يحتمل القسمة لا يقضي بين الموهوب لهما بشيء لأنه يؤدي إلى تجويز هبة المشاع فيما يحتمل القسمة، ولما كان هكذا صار كل فريق متلفاً على الواهب النصف من غير أن يكون ذلك مستحقاً بشهادة الفريق الآخر، فلهذا ضمن كل فريق النصف للواهب.
ثم قال في مسألة الهبة: أحد الفريقين لا يضمن للمدعين شيئاً، وفي مسألة الوصية